كان واضحاً اعتقاد عبد الحميد دشتي «منزوع الحصانة بإجماع أعضاء مجلس الأمة الكويتي» أن ما نسبه موقع «شاهد نيوز» للمدعو «أبو فارس الغبسي» الذي وصف بأنه أحد «قادة المقاومة اليمنية» لم يكن مجاملة له ولا كلاماً للبيع، بدليل أنه لم يتردد عن عمل «ريتويت» فوري له ربما كي لا يتراجع الغبسي عن دعوته لـ «رئيس اللجنة الثورية العليا» لترشيح دشتي «سفيراً مفوضاً لدى الأمم المتحدة والجامعة العربية، وسفيراً للنوايا الحسنة لدى الهيئات والمنظمات الدولية»، فمثل هذه الدعوة وإن كانت مجاملة أو حتى من باب السخرية مسألة لا تفوت، فلعلها تصير حقيقة!في تفاصيل الخبر أن الغبسي أعلن أن «دشتي محصن بالله وبالملايين العربية الحرة وملايين المسلمين في أنحاء العالم وقد أصبح منتخباً من أبناء اليمن الأحرار» (...) وإن دعوته لتقلد المنصب المذكور هو «افتخاراً بهذا الرجل المقدام» لافتاً إلى أن «حصانته الانتخابية مكونة الآن من عشرين مليون صوت يحملون في وجدانهم مجد العروبة وزهو الإسلام، وشجاعة صلاح الدين»، ودعا «كل أحرار الوطن العربي والإسلامي» إلى أن يتضامنوا معه «ضد اللوبي (.....) الذي أصبح مسيطراً على أجهزة الإعلام في الخليج والعالم مستغلاً ومتواطئاً ومحتلاً من قبل الشيطان الأكبر» . وبعيداً عن النفس الإيراني في هذا الخبر وفي غيره من الأخبار التي يحتويها موقع «شاهد نيوز» يمكن القول إن الدعوة إلى تنصيب دشتي سفيراً مفوضاً لدى أكبر المنظمات الدولية وللنوايا الحسنة يراد منها شحن العامة ضد الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي كافة وتوصيل رسالة إلى العالم مفادها أن دشتي مظلوم وأنه لكي يرفع الظلم عنه فإن على الجميع أن يدعم فكرة ترشيحه لهذا المنصب وأن يتضامنوا معه لأنه ضحية «إعلام خليجي يسيطر على أجهزته لوبي متواطئ مع الشيطان الأكبر».ما لم ينتبه إليه «صانعو ومروجو هذا الخبر» و«مرتوتوه» هو أنه يورط دشتي ولا يخدمه، فالخبر يؤكد أنه على علاقة خاصة بإيران وبمحور الشر وأن أحداً لا يلام لو وصفه بالعميل للنظام الإيراني والمروج لأفكاره التي ملخصها أن دول الخليج العربي واقعة تحت ظلم أنظمتها وأن شعوب هذه الدول «مضطهدة» وأن الواجب الإنساني يحتم التعاطف معهم ودعم قضاياهم والانتصار لهم.الوضع الذي صار فيه دشتي يجعله لا يتردد عن إعادة تغريد مثل هذه التغريدات، فهو كالغريق الذي يتعلق بقشة أملاً في النجاة، وبالتالي فإنه لا يحسب أي حساب لسوالب مثل هذه التغريدات والأخبار، فالمهم أن يكون متوفراً في الصورة ومتصدراً للأخبار، وأن يشبع ذاته التي تضخمت حتى وصلت إلى حد تصديق أن العالم لن يتردد عن دعم فكرة اختياره سفيراً مفوضاً لدى الأمم المتحدة والجامعة العربية لمناصرة «قضايا المظلومين والمضطهدين في العالم والدفاع عنهم».قيام دشتي بعمل «ريتويت» لهذا الخبر يشبه تماماً نشره لخبر دعوته «للمظلومين والمضطهدين من الشعب الأمريكي» وكل من تضرر من «غزوة سبتمبر» فور انتشار خبر أن الولايات المتحدة ربما ترفع الحظر عن رفع دعاوى ضد المملكة العربية السعودية من قبل المتضررين من أحداث الحادي عشر من سبتمبر.الأجدى من كل هذا الذي يقوم به عبد الحميد دشتي ويفاقم وضعه الذي صار سيئاً بعد رفع مجلس الأمة الكويتي الحصانة عنه هو أن يعمل على تصحيح أخطائه ويرجع إلى عقله وصوابه، فكل ما يفعله اليوم يدخل في باب البطولات الوهمية، وكل الدعوات للتعاطف معه ومناصرته لا قيمة لها ولا مردود، فالعالم لم يفقد عقله بعد ليقبل به «سفيراً مفوضاً لدى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وللنوايا الحسنة»، وهو لن يقبل به حتى لوعمل لهذا الخبر ولغيره مليون «ريتويت».