تحت رعاية سمو الشيخ محمد بن مبارك نائب رئيس الوزراء، الذي أناب عنه معالي الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية، تم افتتاح المؤتمر الخليجي الاستراتيجي الثاني، وكان ذلك تحت عنوان بالغ الأهمية وهو «التحولات الجيوسياسية في الفضاء العالمي». ألقى كلمة الافتتاح معالي اللواء الركن خالد الفضالة رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات»، وشملت محاور المؤتمر عدة موضوعات، مثل الإرهاب الدولي والإقليمي – الأمن السبراني باعتباره يمثل فرصاً وتحديات نتيجة التطور الرقمي في العالم المعاصر – الحروب اللامتماثلة والتنظيمات الإرهابية – الجماعات اللاعبة على المسرح الدولي من غير الدول NSA كما أصبح يطلق عليها في أدبيات العلاقات الدولية المعاصرة – دور القوى الناعمة في مشاريع الهيمنة وخاصة من دول مثل الولايات المتحدة وإيران التي لا تتدخل حالياً بقوات رسمية عسكرية وإنما عبر مجموعة آليات منها «حزب الله» والخلايا النائمة والحوثيين في اليمن و»الحشد الشعبي» في العراق الذي عقد آخر اجتماعاته قبل الهجوم المسمى بـ «تحرير الفلوجه» تحت قيادة قاسم سليماني وهو من أبرز قيادات الحرس الثوري الإيراني المختص بالعالم العربي والذي وضع لهم الخطة فاعتمدوها كما نشرت بعض الصحف ذلك يومي 24-25 مايو الحالي.ولا يسع المقام لعرض تفصيلي لمداولات المؤتمر المكثفة والمفيدة ولكننا نكتفي لضيق المساحة ببعض ملاحظات ذات طبيعة عامة. ونترك التفاصيل لمن يرغب في متابعتها للصحف اليومية التي غطت أعمال المؤتمر بطريقة جيدة وأيضاً للرجوع لمركز «دراسات» وهو الجهة المنظمة للمؤتمر.الملاحظة الأولى، كانت الجلسات مكثفة على مدى اليومين والمناقشات اتسمت بأنها كانت ثرية ومهمة من القاعة، وكان المتحدثون من الجانب العربي من المغرب والبحرين ومصر والسعودية والكويت أكثر علمية وموضوعية وتنظيماً في عرض أفكارهم من معظم المشاركين الأجانب، الذي كان بعضهم يتحدث بطريقة تلقائية كما لو كان في جلسة عادية وليس في مؤتمر علمي.الملاحظة الثانية، كان عدد الحضور كبيراً بالنسبة لمثل هذه المؤتمرات العلمية، وهذا يؤكد نشاط مركز «دراسات» وأيضاً حرص أجهزة الدولة وممثليها وخاصة من وزارات الدفاع والداخلية والخارجية وربما أجهزة أخرى على الحضور والاستفادة من الحوارات والمداولات حول القضايا المهمة.الملاحظة الثالثة، قلة عدد الحضور من الأكاديميين والمفكرين من الجامعات العامة والخاصة ما عدا في الجلسة الافتتاحية ذات الطابع المراسمي، وهذا ربما لظروف الجامعات والامتحانات في هذه الفترة من العام، مما لم يتح لهم فرصة الحضور والمشاركة للاستفادة والإفادة.الملاحظة الرابعة، إن موضوع إيران وتدخلاتها في المنطقة أثاراهتمام المشاركين من الدول الغربية، الذين لا يعرفون الكثير عن تلك التدخلات ولا عن طبيعة المنطقة ولا السياسات الايرانية وهذا يحتاج لمزيد من النشاط الأكاديمي والإعلامي والسياسي للبحرين بوجه خاص ودول مجلس التعاون بوجه عام، لتوعية تلك المراكز البحثية والسياسيين الغربيين إذ إن من تابع المداولات لابد أنه لاحظ كما لو كانوا فوجئوا بما يقال عن إيران وقد عبر بعضهم عن الدهشة لحجم الاهتمام الخليجي بإيران والقلق من سياساتها وتدخلاتها في المنطقة، وهذا ما لم يتوقعه بعض الباحثين الغربيين خاصة وأن بلادهم في هذه الفترة تعيش ما يشبه شهر العسل معها منذ توقيع الاتفاق النووي. الملاحظة الخامسة، أن كثيراً من المداولات اتسمت بالطابع الوصفي وبعضها بالطابع التحليلي، وقلة قدمت بعض أفكار عن المستقبل. وأعتقد أنه كان ينبغي عليهم أن يعرفوا أن هذا مؤتمر علمي، يعدون له أوراقاً علمية مكتوبة، وليست مجموعة ملاحظات عامة. فعلى سبيل المثال تساءل بعضهم عن الدور الأمريكي في الخليج في المستقبل، وكأنه لا يعرف الحوار الاستراتيجي الأمريكي الخليجي والزيارات المتبادلة على أرفع المستويات. وقام أحدهم وهو أمريكي الجنسية من أصول عربية بالدفاع عن السياسة الأمريكية بأكثر مما يدافع الرسميون الأمريكيون عنها متصوراً أن أبناء المنطقة العربية وخاصة في الخليج لا يعرفون جوهر السياسة الأمريكية ويعايشونها يومياً.الملاحظة السادسة، إن ثمة مشاركاً واحداً تحدث عن القضية الفلسطينية باستفاضة، واعتبر من الضروري حلها وانتقد السياسة الإسرائيلية، وهي الدكتورة السنا توره الفرنسية بينما أشار باحث آخر على استحياء للقضية وبالطبع أشار المتحدثون العرب إلى القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المحورية.كما ذهب بعض الباحثين لنقد الموقف العربي وخاصة نقد سياسة دولة خليجية كبرى وأخرى عربية كبرى، مما يوحي بأنهم مغيبون عما يحدث في الخليج وفي العالم العربي، وأيضاً نسيانهم لما حدث في دولهم من أخطاء داخلية وأوجه القصور فيها منذ بضع سنوات، حتى إن أحد الخبراء من روسيا وصف دول ونظم عربية بالهشاشة وعندما سأله متحدث مصري من القاعة تلعثم في رده.وختاماً تهنئتي لمركز «دراسات» على هذا المؤتمر المهم وقد كان أعضاء المركز متواجدين بكثافة وعلى كفاءة عالية وحرص على التميز ودعواتي لهم جميعاً بالتوفيق.
Opinion
المؤتمر الخليجي الاستراتيجي الثاني.. «التحولات الجيوسياسية في الفضاء العالمي»
31 مايو 2016