رحل عاشق المحرق وأحد رموز الكرة البحرينية الهداف الرشيق الشيخ خليفة بن سلمان بن أحمد آل خليفة عن هذه الدنيا الفانية بعد صراع قصير مع المرض لم يمهله طويلاً، ليترك وراءه حزمة من الذكريات الجميلة للزمن الجميل لكرة القدم البحرينية، ويخلف دروساً في الولاء والانتماء في زمن أصبحت فيه هاتان الصفتان عملتين نادرتين جداً!خليفة بن سلمان لمن يعرفه خير المعرفة يجد فيه مثالاً حياً للولاء والانتماء والإخلاص والعشق الحقيقي للكيان الذي احتضنه ورعاه، حتى أولئك الذين يختلفون معه في وجهات النظر الإدارية والفنية لا ينكرون تلك السمات المتأصلة في شخصيته، سواء عندما كان لاعباً متألقاً في صفوف المحرق والمنتخب الوطني، أو بعدما اعتزل مجبراً بحكم الإصابة اللعينة وتحول إلى العمل الإداري في النادي الذي يعشقه حتى النخاع.هموم وهواجس الرياضة البحرينية عامة وكرة القدم خاصة وعشق المحرق، جعلته ينسى الكثير من متطلبات حياته الخاصة بما في ذلك صحته العامة التي كان يتحامل عليها في كثير من الأحيان ليدفع بها ثمن عشقه اللامحدود لنادي المحرق، فأي إخلاص وأي ولاء وأي وفاء أكثر من هذا؟!الجموع الغفيرة التي زحفت من مختلف مدن وقرى البحرين إلى مقبرة الحنينية في ساعة مبكرة من صباح يوم الإثنين الموافق للثلاثين من مايو 2016 لتصلي على جثمانه وتشيعه إلى مثواه الأخير وطوابير المعزين الذين اصطفوا أمام مدخل مجلس معالي وزير الداخلية بالرفاع ليقدموا واجب العزاء في فقيد الرياضة البحرينية، دليل واضح على مكانة خليفة بن سلمان في قلوب هذه الجموع التي آلمها وأحزنها رحيله المفاجئ، وكنت أرى ملامح الحزن العميق على الكثيرين منهم وخصوصاً رفقاء دربه الكروي الذين كانوا في مقدمة المشيعين لجثمانه الطاهر.ذكرياتي الشخصية مع الفقيد تعود إلى أواخر ستينات القرن الماضي حين كان لاعباً يافعاً في صفوف المحرق إلى جانب العمالقة من نجوم الأخطبوط الأحمر، وكنت حينها مساعداً للمدرب الوطني القدير محمد عبدالملك في صفوف النادي العربي (النجمة حاليا) وكانت بيننا وبين نادي المحرق علاقات متينة على مستوى الإدارة وعلاقات شخصية على مستوى اللاعبين، وامتدت علاقتي بالفقيد ولم تنقطع بيننا اللقاءات والاتصالات إلى الأيام الأخيرة من حياته حين داهمه المرض واضطره إلى السفر إلى الخارج حيث وافته المنية في فرنسا التي لفظ فيها أنفاسه الأخيرة تاركاً وراءه حزمة من الذكريات التي لطالما حاولنا أن نوثقها إعلامياً دون جدوى نظراً لاعتذاره المستمر عن الظهور إعلامياً، وهذا من فيض تواضعه وحبه للعمل بعيداً عن الأضواء الإعلامية إلا في مناسبات نادرة جداً.لكنني على ثقة من أن مجلس إدارة نادي المحرق بقيادة الربان الشيخ أحمد بن علي آل خليفة سيعمل على تخليد ذكرى الفقيد بما يتناسب مع تاريخه الكروي وعشقه اللامحدود وخدماته المتميزة، وإن كنت أتمنى في هذه المناسبة أن يؤسس النادي العريق قاعة للنجوم المتميزين الذين تعاقبوا على ارتداء شعار المحرق منذ عشرينات القرن الماضي لتكون بمثابة «متحف النجوم» تحكي سير أولئك النفر الأفذاذ من لاعبي كرة القدم في مملكة البحرين.رحم الله الفقيد الشيخ خليفة بن سلمان بن أحمد آل خليفة وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه جميعاً الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.