لخص وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير خلال المؤتمر الصحافي في ختام القمة الخليجية التشاورية في جدة الثلاثاء الماضي أسباب مشاكل إيران مع دول المنطقة في إصرارها على التدخل في شؤون دول المنطقة ودعمها للإرهاب، وطائفيتها. وهو قول لا يختلف عليه اثنان ينظران إلى الأمور بواقعية وانتباه، فلولا هذا الذي تقوم به إيران وتصر عليه لما حدث كثير من هذا الذي يحدث اليوم في المنطقة ولجنت طهران من علاقتها مع دول مجلس التعاون الكثير من الخيرات. السياسة الخاطئة لحكومة الملالي وقلة خبرتهم وأطماعهم في المنطقة هي وراء كل المشكلات التي تعاني منها دول المنطقة وتعاني منها إيران وشعبها الذي لم يجد بعد أربعين سنة من وعود حكومته له سوى الأذى، ولهذا فإن من الطبيعي أن يجزم كل مسؤول خليجي وكل عاقل بأن العلاقات الطبيعية مع هذه الدولة غير ممكنة حالياً، فإيران كما قال الجبير في المؤتمر الصحفي تهدف إلى تدمير دول المنطقة، الأمر الذي يمنع إقامة علاقات طبيعية معها. ليس إصرار إيران على لي عنق مناسك الحج لتصير على هواها إلا مثالاً على تفكير حكومة الملالي التي وصلت بها العنجهية حد أن تعتبر حرمان حجاجها من أداء مناسك الحج هذا العام أمراً عادياً، بل وتسعى إلى استغلاله لشحن العامة ضد السعودية ودول مجلس التعاون والعرب عامة، وليس إصرارها على التدخل في شؤون دول المنطقة إلا مثالاً آخر على ذلك التفكير الأهوج الذي يؤكده أيضاً محاولاتها المتكررة لتهريب السلاح إلى ثلاث دول خليجية على الأقل وفتح معسكراتها في طهران وبغداد ودمشق وبيروت لتدريب من تمكنت من خداعهم من شباب دول التعاون أملاً في إحداث تغيير ما يسهل عليها طريق السيطرة على كامل دول المنطقة. المثير هو أن إيران ورغم توفر الكثير من الشواهد على قيامها بهذه الممارسات المنفرة لاتزال تصر على أن ما يقال عنها في هذا الخصوص ليس إلا ادعاءات من دون دليل، فالأسلحة التي تم اكتشافها وتوثيقها في أفلام تم بثها على العالم لا تعرف عنها شيئاً، والشباب الذين يتم تدريبهم لا تعرفهم ولم تسمع بهم من قبل ولا عن موضوع تدريبهم، وكل ما يقال عن تورطها في مثل هذه الأمور المراد منه تشويه صورتها. إيران تنكر ببساطة كل الاتهامات التي توجه إليها، بل لا تتردد عن القول بأن هذا اللون الذي يراه كل العالم أحمر ليس كذلك، فهو أزرق وأن المشكلة هي في الزاوية التي ينظر منها كل العالم إلى ذلك اللون! إلى هذا الحد تستهزئ حكومة الملالي بكل العقول، لذا فإن من الطبيعي أن تقول للجبير بأن كل ما قلته ليس صحيحاً وأن السعودية هي سبب كل المشكلات، وهي التي لا تريد للمنطقة أن تستقر، وهي التي لديها أطماع وتريد أن تسيطر على المنطقة. لا يمكن لإيران أن تعترف أن لها أطماعاً وأنها سبب كل المشكلات في المنطقة وأنها تتدخل بكثير من الوقاحة في شؤون دول مجلس التعاون -التي تعتبر بعضها على الأقل- تابعة لها وجزءاً منها، ولا يمكن أن تقول إنها تفتعل المشكلات لتبقي الساحة ساخنة، فمسألة شحن العامة ضد حكومات دول التعاون مسألة مهمة بالنسبة إليها كونها تعتقد أن مثل هذا الأمر يسهل عليها تحقيق أهدافها المتمثلة في السيطرة على المنطقة برمتها وفرض سياساتها. إيران لن تفهم ما قاله الجبير حتى لو تمت ترجمته بالفارسية «الفصيحة»، ولن توافق عليه، وللأسف فإن نواياها لن تتغير وستظل تواصل السير في الدرب الخاطئ الذي اختارته لنفسها.