أكلما زارنا مسؤول أمريكي «أهديناه» أحد المحكومين أو المطلوبين في جرائم وجنايات بإطلاق سراحه؟ وهل في نية كيري أن يمر على البحرين في طريق عودته لبلده بعد أن يزور المملكة العربية السعودية والإمارات؟ألم نتعلم الدرس أن أية نصيحة أو توصية أو ملاحظة تأتينا من أي طرف كان سواء كان وزير الخارجية الأمريكية أو وزارته برمتها ببعثاتها بتقاريرها بمتحدثها الرسمي، أو كانت تلك النصيحة من جهة كالاتحاد الأوروبي أو كانت صادرة من «أبو القلق» العالمي بان كي مون بجلالة قدره، أو أي مخلوق أو دولة أو منظمة أو مؤسسة، فإنها جميعها نصائح تخدم مصالحهم لا مصالحنا؟ ألم نلاحظ أنه كلما أطلقنا سراح أحدهم قبل انتهاء مدة محكوميته تصاعد العنف وتصاعد الإرهاب، إنهم يقرؤون تلك الإجراءات على أنها ضعف وارتخاء قبضة الأمن.ألم نتعلم ونقرر إن كانت تلك النصيحة أو التوصية تمس شعرة من أمننا الوطني فإننا يجب ألا نصغي لها بتاتاً وأن يكون مصير تلك التوصية جهاز «الشردر» الذي يمزق الأوراق ويفرمها فرماً؟ وسواء زرناهم أو زارونا علينا أن نتوقع مثل هذه النصائح فلا نصغي لها ولا نعيرها أي اهتمام، بل بالعكس علينا أن نفعل العكس.فمن جهة اتضح أن تلك الجهات «الناصحة» ذات ألف قناع ووجه، وألف عين وعين، وميزانها له أكثر من كفة، كل منهم يغض الطرف عن خروقات وجرائم إنسانية يندى لها الجبين، تمارسها أنظمة لا تفرق بين طفل ومقاتل، وبين امرأة مسنة ومحارب، وبين مستشفى وقاعدة عسكرية، ومع ذلك فإن هؤلاء الناصحين لا يشعرون بوخزة قلق توقظ ضميرهم النائم تجاهها ولا يقلقون على جرائمها رغم أنها تصل إلى حد الإبادة الجماعية، لكنهم يقلقون أشد القلق ويصرفون الوقت والجهد للتأكد من التزام مراكز الإيقاف والسجون البحرينية بأرقى الإجراءات والقواعد الحقوقية فيها!! من جهة أخرى هم ذاتهم يمارسون العنصرية ولا يبالون بأبسط القواعد الإنسانية أو تلك المبادئ الحقوقية التي يطالبوننا بالالتزام بها ويجيزون لأنفسهم حق الدفاع عن أمنهم الوطني، بل وركن وتنحية تلك المبادئ والحقوق على جانب الطريق وهم يكتسحونها في طريقهم للدفاع عن أمنهم الوطني، في حين أنهم معنيون بنفسية الإرهابيين عندنا ومزاجهم وضيق خلقهم وليس ضمانات محاكمتهم فحسب.هؤلاء لا يجب أن يكونوا مصدر قلق للبحرين، وألا تعير البحرين أي اهتمام لقلقهم أو بياناتهم أو تصريحات متحدثيهم أو تقاريرهم أو رسائلهم أو استعطافاتهم، لا أثناء زياراتهم لنا أو زياراتنا لهم، ولا يجب أن نسترضيهم بإلغاء العقوبات أو تخفيفها أو بالتدخل في القضاء، رغم أننا نطالب دوماً وسنظل بألا تتوقف مسيرة الإصلاح وننادي دوماً بالعناية جداً بضمانات حقوق الإنسان، كما تنادي بها ضمائرنا وقواسمنا الإنسانية مع تلك الجهات، إلا أنه في حال تعارض تلك الضمانات والحقوق مع أمننا الوطني وتهديد السلامة الوطنية فلنا مثل ما لتلك الجهات «القلقة» حق تنحيتها مؤقتاً عن جانب الطريق وإعطاء الأولوية لسلامة الجماعات البشرية وحقها في الحياة بأمن وطمأنينة، ولنا إضافة لتلك الاعتبارات سيادة وطنية لا نقبل أن تمس استرضاء لأي «صاحب».لتلك الجهات مصالح ولها أجنداتها الخاصة ومشاريعها في المنطقة، ولا يمكن ألا تؤثر تلك العناصر بنظرتها لنا وبتقييمها لنا وتنعكس جميع تلك العناصر في توصياتهم ونصائحهم وقلقهم، وهي مصالح وأجندات ومشاريع لا تلزمنا ولسنا معنيين بتحقيقها لهم، فبعض تلك المشاريع قائم على نخر وهدم الدولة من الداخل وإضعاف الأنظمة وإظهارها بتعمد ومع سبق الإصرار والترصد بمظهر الضعيف المهزوز فهذه الصورة تخدم تلك المشاريع في إعادة تقاسم وتوزيع النفوذ في المنطقة، في حين أن طلباتهم وتوصياتهم لا تعني لهم شيئاً من الناحية الإنسانية فإنسانيتهم تتلون حسب مصالحهم، فمتى نصحو ونكف عن محاولة إقناعهم بأننا «متحضرون ومنفتحون وديمقراطيون وأننا نتحلى بالإنسانية»؟ متى نعي أن الاتجاه شرقاً وشرقاً فقط، ممكن أن نتصدى لتلك التدخلات الممجوجة من شعوبنا بمواقف صلبة موحدة بكتلة خليجية واحدة تمنع وترفض أي تدخل في شؤون أمننا وقضائنا، ولتذهب أحكامهم علينا إلى الجحيم، نحن أدرى بشعابنا منهم.