ليس من عاقل إلا ويتألم وهو يقرأ تغريدات وتصريحات أولئك الذين اختاروا العيش في الخارج والممتلئة بالشتائم، فأولئك وبدل أن يردوا بمنطق ويناقشوا بعقلانية يقومون بنشر تغريدات مليئة بالسب والشتم وبتوزيع تصريحات مماثلة لا تطرب إلا الفضائيات السوسة. يفعلون ذلك بغية تغطية عجزهم وضعفهم، ذلك أنه لا يلجأ إلى هذا الأسلوب إلا الضعيف والفاقد للمنطق والعاجز عن إقناع الآخرين برأيه وموقفه. والمؤلم أكثر هو أن أولئك ليسوا واحداً ولا اثنين، بل إن الأسلوب نفسه صار عنوان كثير من أولئك الذين اختزلوا «النضال» في السب والشتم واعتبروا أنفسهم «مناضلين»، طالما وجدوا أنهم قادرون على فعل ذلك.المثير أن أولئك، ولأنهم تحولوا إلى منظرين، يعتبرون الآخرين جميعاً مقصرين وخونة وأنهم المثال للمناضل الشريف الذي على جميع أهل البحرين أن «يقلدوه» لو أرادوا الخروج من المشكلة التي صاروا فيها، فهم الوحيدون الذين يرون كل شيء بوضوح، ويدركون كل شيء، وبيدهم مفاتيح كل شيء، ناسين أن تفضيلهم العيش في الخارج يصنف على أنه هروب، فلو كانوا «مناضلين حقيقيين» و»كفو» لعادوا إلى «وطنهم» وذاقوا ما صار الكثيرون يذوقون بسبب تحريضهم لهم وبسبب مواقفهم المتطرفة.السب والشتم أسلوب الضعيف والعاجز والفاقد للمنطق وغير القادر على إقناع الآخرين بوجهة نظره وموقفه. هذه حقيقة ينبغي أن يدركها الجميع، فالقوي وصاحب الحجة والمنطق لا يمكن أن يلجأ إلى هذا الأسلوب، ومن يدعي أن قلبه على «وطنه» لا يعمل على عرقلة كل حل يطرحه من هم في الداخل.ما يأمله كل محب لهذا الوطن هو أن يتم في هذا الشهر الكريم الذي هل علينا «تصفيد» أولئك الذين يريدون أن يفرضوا آراءهم ومواقفهم على من هم في الداخل ويتسببون في إحراجهم ويعيقون كل تحرك لهم يمكن أن يكون مفيداً. وما يأمله كل محب لهذا الوطن هو أن يقرر المعنيون بالجمعيات السياسية تهميش أولئك وإقناع المنتمين إلى جمعياتهم والمحسوبين عليهم والمتعاطفين معهم بأن اختيار أولئك لهذا الأسلوب ليس إلا تأكيداً على ضعفهم، وأن وقوفهم في وجه كل حل تطرحه الجمعيات السياسية ليس إلا تنفيذاً لأجندات صاروا ملزمين بها ولا تصب إلا في صالح من صاروا عبيداً له.بإمكان الجمعيات السياسية أن تستفيد من شهر رمضان المبارك عبر أكثر من سبيل، الأول هو الإعلان عن موقف صريح مما صار يعرف باسم «ائتلاف فبراير»، ومنعه من ممارسة عمليات التخريب واختطاف الشوارع، وتنفيذ الفعاليات التي لا تفيد، والثاني هو الإعلان عن موقف صريح من أولئك الذين اختاروا البقاء في الخارج واعتمدوا أسلوب السب والشتم ليعبروا من خلاله عن ضعفهم وعجزهم، والثالث هو التحرك لإيجاد الأرضية المناسبة التي يمكن أن توصلها إلى مرحلة «التبريد» التي تأملها.شهر رمضان شهر خير وبركة، فيه تصير النفوس أكثر انفتاحاً على الآخرين وأكثر تقبلاً لهم، لكن الجمعيات السياسية التي يؤمل أن تلعب دوراً مهماً في حل المشكلة لا يمكن أن تستفيد منه إن بقيت على موقفها غير الواضح من «ائتلاف فبراير»، وبقيت دون القدرة على وضع حد لأولئك الذين لا يجيدون غير السب والشتم من الخارج، ولم تعتمد خطة تعينها على تذويب كثير مما علق بالنفوس من خلال القيام بزيارات إلى المجالس الرمضانية التي تعتقد أن زيارتها لها يمكن أن تفسر على أنها خطوة في الطريق الصحيح.لا ينبغي أن تقف التطورات التي حدثت أخيراً حائلاً دون قيام الجمعيات السياسية وبالذات جمعية «الوفاق» بهذه الخطوات خصوصاً أنها «تعمل» سياسة وليست كأولئك الذين اتخذوا من السب والشتم أو من التخريب منهجاً.