تحظى بعض الدول الخليجية بعلاقات اقتصادية مثمرة مع الجارة الشرقية الفارسية، رغم العلاقات الإيرانية الإيجابية التي تجمعها ببعضها، وتردي العلاقات السياسية والدبلوماسية مع غالبها، ناهيك عما لبعض الدول الخليجية من ملفات خلافية شبه دائمة مع إيران. وفي تلك المفارقة الثنائية تكمن عقدة الصراع الخفي الدائر بين النظام الإيراني والمتمثل في أهم أركانه ومؤسساته «بيت رهبر» الذي يضم بدوره مكتب المرشد الأعلى، وبين رجال الأعمال والمال في إيران. بينما يتطلع رجال «البازار» لفتح آفاق الصلات الاقتصادية على نطاق واسع بين إيران وكافة دول العالم، لاسيما وأن كثيراً من الموارد الطبيعية الإيرانية تعد الأفضل من نوعها كالزعفران والفستق وأنواع أخرى من المكسرات، فضلاً عن بعض الصناعات كالسجاد الإيراني المعروف، وغيرها كثير. تسبب النظام الإيراني والمتمثل بـ»بيت رهبر» بفرض العقوبات الاقتصادية على بلاده جرّاء صنائعه السياسية الرعناء، وهو ما عانى منه التجار الإيرانيون لسنوات طوال، ما دفع كثيراً من هؤلاء التجار للجوء لدول الخليج العربية في تصدير بضائعهم، إذ تعد دول الخليج بمثابة دول عبور «ترانزيت»، وهو ما جعلها -رغم كل الخلافات- أكبر شريك تجاري لإيران في الشرق الأوسط. وقد كشفت بعض الإحصائيات والدراسات عن حجم التبادل التجاري بين إيران ودول الخليج العربي، والذي بلغ 15 مليار دولار سنوياً، إذ وقعت الكويت 6 اتفاقات مع إيران في عام 2014 لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية والتي تقدر بـ150 مليون دولار أمريكي سنوياً، وتليها قطر، أما الإمارات العربية المتحدة لوحدها فقد قُدّر حجم التبادل التجاري بينها وبين إيران بـ17 مليار دولار نهاية عام 2014. يأتي هذا إلى جانب الاستثمار الإيراني في عمان الذي يعد من أهم ركائز المجال الحيوي للاقتصاد الإيراني، الذي ساهم بدرجة كبيرة في ثقل الاقتصاد الإيراني، ناهيك عما أبداه رجال الأعمال السعوديون -في وقت سابق- من اهتمام باستقطاب الاستثمارات الخارجية الإيرانية إلى بلادهم، وذلك بعد تزايد الاستثمارات الإيرانية في أسواق مجاورة. وهو ما يطرح سؤالاً جوهرياً، «إن كان حجم التبادل والاستثمار التجاريين في ظل الخلافات المتصاعدة بين البلدين حسب ما تبين آنفاً، فما عساه أن يكون، وما مردوده على الاقتصاد الإيراني إذا ما فتحت أبواب العلاقات على مصراعيها؟» لقد كان من الممكن أن تحظى إيران بفرصة تبادل تجاري أفضل مما هي عليه الآن بكثير.. ولكنه «بيت رهبر»!!* اختلاج النبض:لقد آثر «بيت رهبر» إتاحة فسحة ضيقة من العلاقات التجارية بين إيران والخليج العربي لابتزاز المنطقة اقتصادياً، فيما لم يشأ التوسع في تلك الفسحة للإبقاء على الجسر القومي والديني للتأجيج، ويبقى رجل البازار في حيرته مكبلاً في تحصيل رزقه، وذنبه الوحيد طغيان «جمهورية إيران»، فهل سيدوم صمت رجال البازار طويلاً؟!