شتان بين من يستنبط من الإسلام السلام والسماحة والأخلاق الرفيعة ومن يجاهر بالقتل والإرهاب وترويع العالم، ادعاءً باسم الإسلام، هناك شخص يدعي أنه مسلم، ولا يسلم الآخرين من لسانه ويده، وهناك أيضاً من ليس على دين محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنه يتحلى بمكارم الإسلام، يعامل الناس بالإنسانية المطلقة، يتجاوز الفروقات والمذاهب والعقائد ليمثل الإنسانية في شخصة وشخصيته. كلنا سمعنا كلمة النائب البرلماني الكندي مارك هولاند عندما أعلن في الجلسة الأسبوعية للمجلس البرلماني الكندي بأنه صام العام الماضي شهر رمضان ويصوم هذا العام أيضاً برغم أنه ليس مسلماً، فالنائب البرلماني أراد أن يشعر بالفقير ويجوع مثله، وأراد في الوقت نفسه أن يدعم منظمة «Give 30» الخيرية، فهو يدخر مبلغ الفطور والغداء أثناء صيامه لصالح هذه المنظمة، فمثال هذا النائب كثيرون، منهم مدربة بريطانية التقيت بها منذ فترة بسيطة خلال حضوري لإحدى ورش العمل حيث قالت هذه المدربة بأنها تصوم رمضان، الشهر كاملاً، برغم أنها غير مسلمة، ولكنها تحب أن تصوم رمضان لما للصيام من أهداف نبيلة منها الشعور بحال الفقير، وتريد في الوقت نفسه أن تشعر أيضاً بفرحة الصائم عند الإفطار، هذان أنموذجان يعلمان العالم ماهو الإسلام وما القيم والمعاني السامية والأخلاق الرفيعة التي يغرسها جوهر الإسلام ولربما يهتدي على أيديهما أناس كثيرين عندما يبادروا لمعرفة الإسلام أكثر، فالنائب الكندي ليس كمن يأخذ من قشور الاجتهادات حجج تدعو لتفكيك الأمة وتكفير المسلمين وتشويه سمعة الإسلام والمسلمين في كل مكان. دائماً تكون المعاملة الطيبة وسيلة لجذب الآخرين إليك «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك»، في إندونيسيا انتشر الإسلام بسبب المعاملة الطيبة والمعاملة المبنية على الأمانة في البيع والشراء من قبل بعض تجار المسلمين الذين كانوا يترددون على تلك البلد، فالتحلي بأخلاق الإسلام مفتاح للدخول إلى العقول والقلوب، وإندونيسيا التي تعددت الديانات فيها أصبحت دولة مسلمة يعتنق فيها الإسلام بسبب حسن الخلق، وبسبب نشر الإسلام بطريقة يستوعبها العقل وليس بقوة السلاح أو الترهيب. نماذج كثيرة لو تطرقنا إليها لوجدنا أن مفتاح السلام هو المفتاح الذي أعطانا إياه نبي الرحمة، فالعالم اليوم يستنكر أفعال منظمات وجماعات كثيرة تتوارى باسم الإسلام، مسببة الهلع والقلق وعدم الاستقرار، بل باتت هذه الجماعات تشوه الإسلام بصورة قبيحة لا تتجلى فيها روح الإسلام، فأين دعاة الحق الذين يدعون بالموعظة الحسنة ومن هم يجاهرون بالترويع والقتل وزهق الأرواح من غير حق، لا تلام الدول خصوصاً دول أوروبا أن شددت التفتيش في المطارات وشددت على إعطاء التأشيرة لدخول بلادها، فهي تريد الاستقرار وتنشد الأمن والأمان لسكانها كما الحال في دولنا العربية والمسلمة فنحن أيضاً نريد أن نعيش حياة مستقرة لا أن ينظر إلى المسلم على أنه إرهابي أو عدواني. النائب الكندي التمس من المسلمين الكنديين حسن المعاملة وكانوا خير من يمثل الإسلام، هو كذلك بين للعالم من خلال سلوكه في الصيام، بأن لا ضير من أخذ من مكارم الأخلاق التي تعلو بالإنسان حتى وإن كانت هذه المكارم من ديانات أخرى، فالإسلام دين شامل وواضح ، بين لنا كل صغيرة وكبيرة في شتى معاملاتنا سواء مع ديننا أو مع الآخرين ولم يترك لنا جانباً إلا ووضح كيفية التعامل معه، والمسلم يغتنم الفرص في رمضان من خلال الطاعات والصدقات وإعطاء الدين حقه ليكون قدوة طيبة للآخرين وحتى يفخر بنا رسول الله محمد عندما نلقاه، فالإسلام لم ينشر بقوة السلاح ولم يدعو للترهيب، ولن يكون الإسلام أبداً كما يريده الإرهاب.
Opinion
روح الإسلام أخذها الكندي ومن قبله الإندونيسي
12 يونيو 2016