طرحت ما يسمى بقناة «اللؤلؤة» وهي أحد أذرع المجموعة الانقلابية على الدستور البحريني من تيار «الولي الفقيه»، طرحت استفتاء على جمهورها، السؤال الذي طرحته كان «منهجاً» لهذه المجموعة طبقته ونفذته وعملت على تكريسه وترسيخه منذ ثلاثين عاماً أي منذ تولت هذه المجموعة «القيادة» والتحدث باسم «شيعة البحرين» ضاربة بعرض الحائط التنوع داخل الطيف الشيعي والتنوع داخل النسيج البحريني، أي منذ أن أصبح لـ «الولي الفقيه» وكيلاً في البحرين منذ منتصف التسعينات، ومنذ أصبح لـ «الولي الفقيه» مؤسساته المرخصة قبل 15 سنة، هنا تراخت الدولة عن تحمل أمانتها ومسؤوليتها، فحق لهذه المجموعة أن تطرح مثل هذا السؤال.السؤال كان «هل يعول شعب البحرين على المجتمع الدولي لحل الأزمة الراهنة في البلاد»، شارك في التصويت 1261، سنتحدث عن النتيجة لاحقاً، إنما نعود للسؤال الذي يلخص «منهج» المجموعة الفكري والسياسي ويلخص الجريمة التي ارتكبتها هذه المجموعة في الطائفة الشيعية وقضت بها على مستقبل أجيال، وتتحمل الدولة معها مسؤولية هذه الجريمة بسكوتها عنها وغضها الطرف عنها باعتبار أن ما تقوم به هذه المجموعة هو «خصوصية دينية» في حين أنه كان تمزيقاً للوحدة الوطنية!!هذه المجموعة أصلت وكرست وعملت على غرس مفهوم لدى جماعتها منذ التسعينات إلى اليوم أن جماعة «الولي الفقيه» هم «شعب البحرين»، هذا الخطاب كان علنياً ولم يكن مخفياً تحت سمع وبصر الدولة، جرى في منابر استولت عليها هذه المجموعة بالعنف وبالابتزاز وبالتهديد، ثم بعد ذلك جرى هذا الخطاب على لسان قيادات لجمعيات سياسية مرخصة وجرى في صحافة بحرينية مرخصة دون تدخل ودون تصحيح ودون تحذير وتنبيه، ولم يكن خطاباً فحسب بل كان ممارسات عملية ظهرت فيها كل أنواع الفصل العنصري داخل النسيج الشيعي بعضه بعضاً، فطورد من طورد وأقصي من أقصي، فأين كانت الدولة؟ أين وزارة العدل؟ أين وزارة الأوقاف؟ أين وزارة الإعلام؟ لم تتحرك أي من تلك المؤسسات لأن التحرك حينها كان قراراً سيادياً يتجاوز الوزارة، فلا عجب إن واصلت هذه المجموعة عزل جماعتها عن الطائفة وعزلها بالتأكيد عن بقية النسيج البحريني.منذ بواكير التسعينات كانت المنابر ميادين لمعارك تلك المجموعة في مساجدهم ومآتمهم، وهذا هو الجيل الثاني الذي أسس ونشأ على النهج الذي يصور للشاب أن جماعته هي «شعب البحرين» فلا دولة ولا وطن غير «الجماعة» ومرجعيتها الدينية.ومنذ أن رخص وأجيز لهذه المجموعة بالعمل السياسي العلني أي قبل خمسة عشر عاماً تم ترسيخ هذا النهج فكراً وممارسة سياسية وإعلامية، فتخصصت صحيفتهم في تمثيل هذه المجموعة واحتسبت عليهم، وليس هناك بأس بالتنوع وتمثيل فئات أو شرائح «سياسية» إعلامياً، إنما التمثيل هنا كان مبنياً على أسس طائفية ضيقة جداً شكلاً ومضموناً في بنية وهيكلية الصحيفة الوظيفية وفي توجهها، فكانت مسماراً آخر ضرب في نعش الدولة بعد المسمار الأول بالترخيص للحزب السياسي لهذه المجموعة المبني أيضاً شكلاً ومضموناً على أسس طائفية ضيقة، ومع ذلك لم تتحرك أي من مؤسسات الدولة لوقف هذه الخروقات القانونية ولم تعمل على الحفاظ على كيان الدولة ووحدتها، فكرست وقوت نفوذ هذه المجموعة التي عملت ومازالت على عزل جماعتها عن الدولة باعتبارهم «شعب البحرين».أما الشق الآخر من السؤال فهو المصيبة الكبرى والقاصمة في عزل «الجماعة» عن الدولة، إذ مازالت هذه المجموعة «تعشم» جماعتها بأن «الحل» «لأزمتها» هو في الخارج عند «المجتمع الدولي» لا عند الشركاء في الوطن؟ لا عند المؤسسات الوطنية؟ لا عند الدولة؟ فما هي الأزمة غير النوح الاضطهادي والظلامي المستمد من إرث التاريخ والمعجون بالحاضر الذي حصر الحقوق عند «الشعب» البحريني.منذ عودة هذه المجموعة للبحرين أي منذ خمسة عشر عاماً ومد الجسور الدولية كان أهم أدواتها لتحقيق أهدافها بالترويج للمظلومية وتوظيفها توظيفاً سياسياً، فتم تقوية نفوذ المجموعة الحقوقية والمجموعة السياسية والمجموعة الإعلامية من خلال تشبيكها دولياً، فلا تجد فرداً من تلك المجموعة عضواً في الحزب أو صحافياً في الصحيفة إلا ويكون عضواً في منظمة دولية، ساعدها في الانتشار اللوبي الإيراني الأمريكي وشبكة العلاقات الإيرانية الموجودة في بريطانيا وبعض العواصم الأوروبية، وفي الداخل كانت تلك المجموعة تبات في أحضان السفارات ليلياً، وصحيفة تصور تحركات هذه المجموعة على أنها «حقوقية» عادية جداً «بالأمس أجرت صحيفتهم لقاء مع «حقوقيون منعتهم الدولة من السفر لجنيف، فساعدتهم الصحيفة على نشر أقوالهم فقالوا «إن منعهم سيشوه صورة البحرين» من يسمعهم يقول إنهم كانوا في مهمة تطوعية للترويج السياحي وتسويق البحرين، وليس هم من يتعنون بالسفر لتشويه صورة البحرين» ولم نتحدث عن تمويل هذه السفرات و دعمها!! هذا التشبيك الدولي حين دقت ساعة الصفر في فبراير 2011 كان جاهزاً، فكشف الغطاء عن حجمه وطوله وعرضه وامتداده، ووصوله للبيت الأبيض!!المصيبة ليست في هذه المجموعة المصيبة في الحلم الذي غرسوه طوال هذه المدة بأن «دولتكم» ستقوم على يد «المجتمع الدولي» عبر «الاتفاقيات الدولية» و»المنظمات الدولية» و»القوى الدولية»، إن مظلوميتكم منذ يزيد إلى الآن سينهيها «المجتمع الدولي» لم يبقَ جسراً للخارج لم يعمر، و لم يبقَ جسرا للداخل لم يهدم، هذه كانت جريمتهم في حق جماعتهم، والأكبر أن الدولة تخلت عن مسؤوليتها في وقف هذا التدمير الذاتي في نسيجها الوطني، بمنع هذه المجموعة ووقفها وسحب تراخيصها حتى وصل الأمر أن يحرق العلم ويداس الجواز البحريني، ولم يبقَ لهذه الجماعة هوية بحرينية خليجية عربية.اليوم بعد خراب البصرة وبعد تبدد الحلم وبعد صدمة الفشل وبعد التغيرات الإقليمية والدولية وبعد تبدل الحسابات عادت المجموعة تسأل جماعتها، هل مازلتم تعولون على المجتمع الدولي لحل الأزمة؟ نتيجة الاستبيان جاءت كالتالي: 84% أجابوا بلا، و16% منهم فقط ما زالوا يحلمون!!