هنا عنوان خبر يستحق التأمل ذيلت به فضائية «الميادين» شاشتها مساء الإثنين الماضي وهي تبث خبراً ضمن نشرتها الإخبارية عن نبيل رجب، اعتبرته رئيساً. «قلق أممي من إعادة اعتقال نبيل رجب»، وهو عنوان يوحي بأن العالم كله بات ليلته تلك، ولايزال، قلقاً بسبب احتجاز نبيل رجب، بينما مضمون الخبر كان مختلفاً، فـ«القلق» كان مقتصراً على بان كي مون الذي يعاني من هذا الأمر منذ اللحظة التي تسلم فيها منصب الأمين العام للأمم المتحدة. مبالغة مقصودة في تناول الخبر خصوصاً وأن التصريح لم يأتِ على لسان مون نفسه وإنما أدلى به ممثل عنه، وهو ما يفترض أنه أمر عادي حتى لو جاء على لسان مون مباشرة، فالأمين العام للأمم المتحدة لا يتوفر على غير هذه العبارة التي لم يعد لها من الناحية العملية أي قيمة، فهو قلق من كل شيء، وقلق في كل مناسبة، ويبدو اليوم واضحاً أن الولايات المتحدة صارت تستخدم العبارة نفسها أيضاً، كلما وجدت إلى ذلك سبيلاً. التعاطف غير العادي من قناة «الميادين» مع نبيل رجب يؤكد الدعم الإعلامي الذي يحصل عليه وتحصل عليه «المعارضة» من قبل جهات عديدة كلها محسوبة على إيران، فعندما تخصص هذه الفضائية التي يشاع أنها تمول من حكومة «الولي الفقيه» نصف برنامج «المسائية» الرئيس في ذلك اليوم لاستضافة أشخاص يتحدثون عن هذا الأمر وتظهر موضوع توقيف أو احتجاز رجب وكأنه نهاية العالم فهذا يعني أن الأمور مرتب لها وأن الفضائية المذكورة تقوم بالمطلوب منها على أكمل وجه.نبيل رجب ليس خطاً أحمر، والعفو الملكي الذي استفاد منه قبل عام لا يعني أنه صار محصناً وأن بإمكانه أن يفعل ما يشاء من دون أن يحاسب. لولا أن أمراً ما استدعى توقيفه واحتجازه والتحقيق معه لما ضيعت أجهزة الدولة وقتها ولما تسببت في قلق بان كي مون والولايات المتحدة! فالتوقيف والاحتجاز والتحقيق وكذلك المحاكمة إن استدعى الأمر، أمور من حق الدولة أن تمارسها متى ما وجدت لذلك ضرورة، عدا أن نبيل رجب مواطن بحريني وليس مواطناً أمريكياً، أو إيرانياً.القصة الآن ليست في ما حدث لرجب وإنما في ما تم تأكيده، بقصد أو من دون قصد، من قبل فضائية «الميادين»، فالطريقة التي تناولت فيها هذه الفضائية الخبر هي الطريقة نفسها التي تناولته فيها فضائية «العالم» الإيرانية، والفضائيات الأخرى الإيرانية وتلك الممولة من إيران، في العراق ولبنان وغيرهما، ما يؤكد أنها كلها تنقاد لمواجهات معينة وتنفذ أجندة واحدة، وإلا فإن خبراً مثل هذا الخبر لا يستحق كل هذا الردح «فضائية العالم خصصت حلقة عاجلة عنونتها باسمه واستضافت من أجله من لم يبخل بكلمة سيئة عن الحكومة وأظهر البحرين وكأنها تضيق بمفردة «حقوق الإنسان»، وشرّق وغرّب على هواه، فمثل هذه الفرصة قد لا تتوفر في كل حين».ليس قلق بان كي مون ولا قلق باراك أوباما ولا كل «القلق الأممي» هو ما سيجعل حكومة البحرين تتراجع عن خطواتها الرامية إلى وضع حد لمحاولات التخريب التي دخلت عامها السادس وإنهاء هذه الحالة التي أرغمت على الدخول فيها، وفي وضع كهذا فإن الرد الحكومي المختصر هو لا بأس لو قلق مون ولا بأس لو قلق أوباما والولايات المتحدة، ولا بأس لو تسببت الإجراءات التي تتخذها لحماية الوطن وإنقاذه من براثن مريدي السوء في «قلق أممي»، فهذا كله دون القيمة عندما يكون الوطن معرضاً لمثل تلك المخاطر.
Opinion
«قلق أممي» على نبيل رجب!
16 يونيو 2016