الرأي

الأب الروحي للكرة الطائرة

خرازيات



في حياتنا الرياضية المتشعبة هناك من يأتي ومن يذهب لكن الفارق بين المجيء والذهاب هو ترك البصمة التي تصنع التاريخ فالقادم والذاهب لا يمكنهما أن يتساويا إلاَّ إذا لم يتركا بصمة حينها يصبح الذاهب كما القادم غير مؤثرين ومن السهل على الرياضيين أن يجعلوهما في طي النسيان.
القليلون في حياتنا الرياضية المتشعبة يأتون بقوة ويتركون بصمات كبيرة تجعلهم رموزاً وأحياناً أساطيرَ رياضية يتميزون عن غيرهم في المجيء والذهاب.
على رأس هؤلاء الأب الروحي للكرة الطائرة المحلية محمد جاسم حمادة إذ لا يمكن أن تُقارن هذا الرجل بأي رجل آخر قاد هذه اللعبة إلى تحقيق أكبر الإنجازات لم يستطع أن يحققها غيره من السابقين أو اللاحقين.
في منتصف السبعينيات من القرن الماضي ومع إشهار اتحاد الكرة الطائرة في عام 1974 بدأت أولى الخطوات لمحمد جاسم حمادة ليتسلم زمام قيادة اللعبة بعد وفاة المغفور له الشيخ عبد الرحمن بن فارس آل خليفة وبعد سنوات رسم الكثير من الخطط المتصاعدة على مستوى المسابقات المحلية وطور قدرات العديد من الأندية ومن ضمنها الحالة والجفير والوحدة والمحرق وكل هذه الأندية نافست على البطولات الخليجية ومنها من فاز بها كالنصر والوحدة والمحرق وساهم هذا الأمر في تفوق أندية أخرى فيما بعد مثل الأهلي إضافة إلى المشاركات الخارجية على المستويين العربي والآسيوي والأوروبي.
كان هو أول من فاز بالمنتخب الأول ببطولة المنتخبات الخليجية عام 1985 بالدوحة وفتح الطريق أمام المحرق ليحتكر بطولة الأندية الخليجية وغير ذلك من الألقاب البارزة.
وعلى الصعيد الآسيوي كان شخصية متألقة وتجاوز البروز العربي ووصل إلى العالمية في بعض المناصب الحساسة وأدخل العديد من الأعضاء في المراكز البارزة في لجنة الحكام العالمية ولجنة المحررين في الصحافة الآسيوية وقاد العديد من البطولات العالمية والآسيوية التي نُظمت في البحرين وهو له الفضل في إنشاء صالة مركز الشباب في منطقة الجفير إضافة إلى كل ذلك كان له الدور البارز في تطوير أدوات الإعلام الرياضي العربي في أساليب وطرق تغطية مباريات الكرة الطائرة.
لو أنني استعرضت سلسلة من تاريخه في هذا الحيز لن أصل إلى 1% من إنجازاته المتعددة لكن تكفي الإشارة إنه صنع لعبة ولاعبين ومدربين وإداريين وحكاماً وصحافيين وله الفضل في صناعة المستقبل.
حين نشاهد محمد جاسم حمادة يحضر في أي مناسبة تكريم نشعر بالفخر والاعتزاز لأنه يستحق أن يكون أكبر من ذلك ولهذا فالرجل لا يحتاج منا إلى سطر واحد والواجب يُحتم علينا أن نفتح جزءاً من ملفاته الضائعة بين الملفات التاريخية القليلة.
شكراً «بو جاسم» والله يكثر من أمثالك في هذا الزمن المُغبر.