تتداعى قوى الشر بين فترة وأخرى على البحرين، مع أي قرار داخلي تتخذه لحفظ أمنها واستقرارها، في محاولة بائسة يائسة لزيادة الضغوط عليها، لكن ما برز هذه المرة بجلاء من قوى الشر، وبينها، إيران «الإرهابية»، وأمريكا «الشيطان الأكبر»، أن الحليفين سراً، اللذين يقنعان العالم بأنهما يختلفان على كل شيء في العلن، قررا أن يتفقا بإجماع على البحرين، هذه المرة، علناً، ولم يتوقف الأمر عندهما، بل امتد إلى الأمم المتحدة وقبلها الميليشيات العراقية خاصة ميليشيا «الحشد الشعبي» التي ترتكب جرائم تعذيب وقتل وإعدام بحق السنة في الفلوجة وقبلها في الرمادي وتكريت بالعراق، مروراً بـ«حزب الله» اللبناني المصنف إرهابياً خليجياً وعربياً وأمريكياً. والقرار الذي اتخذته مؤخراً وزارة الداخلية البحرينية بإسقاط الجنسية عن عيسى قاسم بعد اتهامه بـ«خلق بيئة طائفية متطرفة، وإقحام المنبر الديني في الشأن السياسي لخدمة مصالح أجنبية والتشجيع على الطائفية والعنف، والتواصل المستمر مع منظمات خارجية وجهات معادية لمملكة البحرين، وتبني الثيوقراطية، وتأكيده على التبعية المطلقة لرجال الدين، وذلك من خلال الخطب والفتاوى، وتسببه في الإضرار بالمصالح العليا للبلاد وعدم مراعاته واجب الولاء لها»، قد أثار حفيظة إيران وأتباعها خاصة في العراق ولبنان، وبدرجة أقل أمريكا، خاصة وأن القرار جاء بعد أيام من الحكم القضائي الصادر بغلق مقار جمعية «الوفاق» -الذراع السياسي لجمعية «التوعية» التي رأسها قاسم لفترة قبل أن يصبح مرجعها الروحي- والتحفظ على أموالها وتعليق نشاطها لحين الفصل في الدعوى الموضوعية. لكن ما هو متعارف عليه دولياً أن قراراً داخلياً تتخذه دولة ما لا يحق لأي دولة أخرى أن تتدخل فيه، وإلا اعتبر ذلك تدخلاً في شؤونها الداخلية، وتعدياً واضحاً على عمل من أعمال السيادة.وقد تجاوز الأمر هذه المرة مرحلة التدخل والتعدي على السيادة، ليبلغ مرحلة التهديد والوعيد خاصة من قبل نظام «ولاية الفقيه» وأتباعه، حيث لم تتوقف الحملات التحريضية ضد البحرين وشعبها، لكن المتتبع للسياسة الخارجية الإيرانية منذ قيام ثورة روح الله الخميني في 1979 يلحظ جلياً عدوانية تلك السياسة خاصة تجاه دول مجلس التعاون الخليجي بوجه خاص وتجاه دول الجوار بوجه عام، أما عن التدخلات الإيرانية في الشأن البحريني منذ عقود، والتحريض على العنف والإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار، فحدث ولا حرج!ما يلفت الانتباه أن كل من هدد وأوعد وأزبد وأرعد وثار وهاج وماج، رداً على القرار البحريني بإسقاط جنسية عيسى قاسم، خاصة قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، ورئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصرالله، جلهم موصومون بالطائفية والعنصرية وهي عار وخزي عليهم، وإنا لنحسب أن وعيدهم وتهديداتهم لـ«بحرين العزة» أوهن وأضعف من «عفطة عنز»!! وسيذهب ذلك الوعيد وأوهام التصريحات وآمال التهديدات وأحلام الانقلاب على الشرعية، أدراج الرياح!! فقد تجاوزت إيران مرحلة إحراج أتباعها وحلفائها في الخليج بوجه خاص، وفي المنطقة بوجه عام، منذ قرارها التدخل في الحرب السورية إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد، وقبلها الإعلان صراحة عن الدعم المسلح لـ«حزب الله» في لبنان، ولعل آخر تلك المواقف التي كشفت بوضوع تبعية أعوان «الولي الفقيه» في المنطقة، احتجاج إيران على إعدام السعودية لنمر النمر في يناير الماضي -رغم أنه مواطن سعودي- بعد إدانته بالإرهاب، ما أدى إلى تصاعد التوتر بين البلدين، والذي انتهى بقرار الرياض قطع العلاقات مع طهران، وتبعتها دول خليجية وعربية كانت في مقدمتها المنامة. وقد اهتمت وسائل الإعلام العربية والدولية بنشر التصريحات غير المسبوقة لسليماني تعليقاً على قرار السلطات البحرينية، والتي حملت تهديداً ووعيداً، وهي بالمناسبة أول تصريحات تصدر منه منذ الأحداث التي شهدتها البحرين في 2011، لكن ما أعطاها زخماً تحريضه الصريح والمباشر على العنف الدموي المسلح ضد المملكة رداً على سحب الجنسية من مواطن بحريني، وتبعه الحرس الثوري الإيراني الذي حذر من ثورة «مزعومة» في البحرين!لقد ذاق السنة في العراق وسوريا واليمن الأمرين من إرهاب سليماني وسياساته الدموية العسكرية والإجرامية، لكن هيهات أن ينال «جنرال الدم» من «بحرين العزة» وشعبها الأبي. * وقفة:الشيعة العرب إخواننا في الإسلام والعروبة والأوطان وخسئ كل عميل وخائن يتبع طهران ينعتهم مرة بـ«شيعة السفارة» وأخرى بـ«شيعة تل أبيب» فإعلانهم الولاء لأوطانهم والبراء من إيران تاج على الرؤوس، وهم ليسوا بحاجة بين فترة وأخرى لإخضاعهم لاختبار الانتماء للوطن، بل واجب على دولهم وإخوانهم في الإسلام والعروبة والأوطان أن يحتضنوهم، فقد آن أوان الوحدة ولم الشمل في مواجهة شرور الأعداء!!