خبر إعلان السلطات الإيرانية عن «إحباطها هجوماً إرهابياً كان يستهدفها»، يؤكد نظرية أن من يشعل الفتن لا بد أن ينكوي بها، ومن يسعى إلى تخريب البلدان المجاورة له لا بد أن يشرب من نفس الكأس، إن عاجلاً أو آجلاً. ولعل السلطات الإيرانية تستفيد من اكتشافها هذه الخلية قبل تنفيذ الهجوم الإرهابي الذي قالت إنه كان يستهدف طهران ومحافظات إيرانية أخرى، فتراجع نفسها وتعلم أن من يسعى إلى الإضرار بالآخرين لا يمكن أن يبقى بعيداً عن دائرة الاستهداف، فإيران ليست محصنة، والإرهاب لا يرحم، ولعل من سعى للقيام بعمليات إرهابية في طهران هو نفسه الذي «تم تكليفه القيام بها» في دول الجوار. من دون لف ولا دوران أقول إن الكثيرين منا -في دول الخليج العربية- نعتقد جازمين أن إيران عملت ولاتزال تعمل بقوة على زعزعة الأمن والاستقرار في بلداننا وأنها وراء كثير من العمليات الإرهابية التي تمت ويتم تنفيذها بين الحين والحين، وأنها تريد بنا السوء، لذا فإننا تلقينا خبر إعلانها عن اكتشاف مجموعة كانت تنوي تنفيذ عمليات إرهابية في طهران وفي محافظات إيرانية أخرى بكثير من الفرح، فمثل هذا الاكتشاف قد يعين حكومة الملالي على الانتباه إلى أنها تمارس الغلط وتسيء إلى جيرانها فتراجع نفسها قليلاً، وقد ترعوي.ليس معروفاً بعد تفاصيل الخلية التي تم اكتشافها والإعلان عن نوايا أفرادها من قبل السلطات في إيران، ولكن مثل هذا الأمر كان أمنية بالنسبة للكثيرين بسبب استمرار طهران في الإساءة إلى جيرانها، بل إن البعض كان قد عبر عن اعتقاده بأن الطريقة الوحيدة لمنع إيران من مواصلة عملية زعزعة الاستقرار في دول مجلس التعاون هو انشغالها بنفسها. المزعج بالنسبة لنا في هذا الموضوع هو أن إيران سارعت إلى توجيه الاتهام إلى الشقيقة الكبرى وهو ما يثير الكثير من علامات الاستفهام والتعجب، وكذلك السؤال عن التوقيت، كما أن طريقة الإعلان جاءت وكأن الموضوع جزء من خطة ترمي إلى تحقيق أمر معين هدفه الإساءة إلى السعودية، وهذا يدفع إلى التساؤل بقوة عما إذا كانت القصة صحيحة بالفعل أم مختلقة، فالخبر لم يصحب بأدلة ولا يوجد ما يؤكد تورط هذه الدولة أو تلك في الموضوع؟هل لنشر هذا الخبر علاقة بالخلاف بين إيران والسعودية في موضوع الحج؟ هل له علاقة بموقف إيران من السعودية في ما يخص البحرين؟ هل له علاقة بانزعاج إيران من موقف السعودية في موضوع اليمن؟ أم أنه حقيقي وتم بالفعل القبض على مجموعة اعترفت بأنها خططت وجهزت العدة لتنفيذ التفجيرات في طهران وغيرها من المدن الإيرانية وأنها ممولة من السعودية؟ وإذا كان حقيقياً لماذا لم يتم الكشف عن تلك الخلية ليتأكد العالم أنه حقيقي أولاً وليتأكد ثانياً من أن أعضاء الخلية يعملون لصالح السعودية؟ليس أسهل من توجيه الاتهامات، لكن الاتهامات إن لم تصحب بدليل وبرهان لا قيمة لها ولا تفسير سوى أن موجهها يرمي إلى تحقيق غرض سياسي، وهذا هو التحليل الأقرب لمثل هذا النوع من الأخبار ولطريقة الإعلان عنها.في الغالب سيتم التركيز على موضوع الخلية هذه الأيام بغية الاستفادة منه في التهجم على مملكة البحرين إثر التطورات الأخيرة وخصوصاً تلك التي بدأت اعتباراً من ظهر الإثنين الماضي، وهذا يعني أن ما تم الكشف عنه ستتبعه إعلانات عن تفاصيل أخرى، تماماً كما يحدث في المسلسلات، وليس مستبعداً أبداً توجيه التهم إلى البحرين أيضاً والقول إن من تم إلقاء القبض عليهم «اعترفوا» بذلك!