انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين ما يشبه الاستفتاء ملخصه السؤال عما إذا كنت تعتقد أن البحرين ستتجه نحو العمل المسلح وتحكمها الفوضى كنتيجة للإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة، والسبب كما يبدو هو أن البعض يعتقد في قرارة نفسه أن ما حدث أمر خطير جداً، وأن نتيجته المنطقية هي توفر رد فعل عنيف يؤدي إلى إحداث فوضى وأعمال تخريب ومواجهات عنيفة بين فئة معينة والحكومة لا يخرجان منها إلا بكسر أحدهما عظم الآخر. انتشار هذا النوع من الاستفتاءات في مثل هذا الظرف أمر طبيعي، وكذلك طبيعي أن يكون هناك رد فعل قد يبدو في ظاهره عنيف. فالخطوة التي قامت بها الحكومة - وإن كانت متوقعة وتم التمهيد لها - إلا أنها بالنسبة للبعض كانت قاسية وصعبة حتى أن بعض البعض عبر عن ذلك بطرق مبالغ فيها مثل ارتداء الأكفان. ومع هذا يمكن القول إن كل ردود الفعل الناتجة يمكن تصنيفها في باب الطبيعي، فهي ردود فعل متوقعة وعادية، وكذلك ردود فعل الجهات الأجنبية التي لن يكون في يدها سوى إصدار البيانات والصراخ من باب «خذوهم بالصوت». أمر مستبعد تماماً بل مستحيل أن يقوم أولئك الداعمون في إيران أو العراق أو لبنان أو في أي مكان آخر بأعمال تعبر عن حماقتهم، والأكيد أنه لن يكون في أيديهم بعد إصدار البيانات والتهديدات التي ما فتئوا يوجهونها عبر الفضائيات «السوسة» سوى تقديم النصح والسعي إلى توسيط من يعتقدون أنه يمكن أن يفيد في مثل هذه الحالات. هم يعلمون جيداً أن في مقابلهم يتوفر رجال لا تنقصهم الشجاعة لمواجهة كل الحماقات، ويعلمون جيداً أيضاً أن البحرين دولة مستقلة وتمتلك من الأدوات ما تستطيع به الدفاع عن نفسها وتأمين سلامة شعبها وحمايته، ويعلمون كذلك أن للبحرين مكانة كبيرة بين الأمم وأن العالم كله يقف مع السلطة فيها لأن العالم كله مقتنع أن البحرين على حق وأنها مستهدفة وأنها قامت بكل تلك الإجراءت بشكل قانوني، ومقتنع أيضاً بأن مشكلة البعض المختلف معه هي أنه ظل على مدى سنوات يحاول استغلال حرية التعبير والأجواء الديمقراطية التي كفلها الدستور والقانون وأنه استقوى بالخارج أملاً في إحداث الانقلاب المنشود. الأمور ستسير، ليس فقط لأن ذلك البعض في موقف ضعيف، وليس فقط لأن من أصدر البيانات ووزع التصريحات النارية وتوعد وأزبد وأرعد مناصر له ليس إلا ظاهرة صوتية، ولكن لأن البحرين عزمت على وضع حد للاستهتار الذي امتلأت به السنوات الخمس الأخيرة وأنها قررت عدم الذهاب إلى أنصاف الحلول وأنها لن تتراجع عن خطوتها الحازمة الحاسمة. فقد فاض الكيل ولم يعد ممكناً الصبر على الوضع الخطأ. ومن تابع تصريحات رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة هذه الأيام لا بد أنه لاحظ أن سموه اهتم كثيراً بتوصيل رسالة مفادها أن أمن البحرين يأتي أولاً وبعدها تأتي الأمور الأخرى. مملكة البحرين، وكما قال سموه أيضاً، تحارب أفعالاً وليس أشخاصاً، وهذا يعني أنها عزمت على تخليص البلاد من كل الأفعال التي تؤذيها أو التي قد تتسبب في أذاها، وعزمت على حماية مكتسباتها الحضارية. أبداً.. لن تصل الأمور إلى ما يتوقعه البعض أو يتمناه، وردود الفعل وإن تم تصنيف بعضها في باب المبالغ فيه إلا أنها تعتبر طبيعية، وكذلك تظل طبيعية ردود فعل أولئك الذين حاولوا أن يظهروا عبر تصريحاتهم العاطفية والنارية أن وراء تلك المجموعة الصغيرة «أسباع» لن يقفوا مكتوفي الأيدي. فالنصر حليف البحرين.