لجأت الدولة اليوم للسلطة القضائية الشامخة لتنهي بدعواها التي تقدمت بها وطلبها لحل جمعية «الوفاق الإسلامية» حقبة زمنية سادها الانحراف في العمل السياسي، حتى أصبح طلب حل هذه الجمعية طلباً شعبياً ملحاً من أجل أن يأمن هذا الوطن ويعيد ترتيب بيته من جديد وفق أسس ديمقراطية سليمة، لعمل سياسي محترف، لا يهدر قيمة مقابل قيمة، عمل سياسي وطني بحريني يضم في أطيافه كل الألوان، ولا يأتمر بمرجعية غير الدستور البحريني، عمل سياسي يبقي على قيمة الوحدة الوطنية في هيكله وفي منهجه، مقابل أن يكون له مواقف سياسية يعترض بها على نهج الحكومة وعملها ما شاء، فيؤسس بذلك لديمقراطية سليمة معافاة من سقم الطائفية والارتهان للخارج.نتطلع منذ اليوم – إن حكم القضاء لصالح الأمن والاستقرار وحل الجمعية – إلى غد مشرق نتمكن فيه سنة وشيعة من إعادة بناء الهيكل السياسي ملزمين الدولة بأن تحافظ على عهدها وتطبق القانون دون تمييز، ولا تمنح استثناءات لكائنٍ من كان أن يؤسس ِحزباً سياسياً طائفياً من رأسه إلى أخمص قدميه، أملاً في تأليف قلوبهم أو لأي سبب آخر، متطلعين للناشطين السياسيين الجدد أن يتعلموا من دروس الماضي ويتعظوا منها، وأن يعملوا لصالح الوطن بلا تمييز طائفي، فلا يؤسس بعد اليوم ولا يعطى ترخيص بعد اليوم لأي مجموعة تتكون من طيف واحد ولها مرجعية خارج حدود الدولة، ولتعارض بعد ذلك هذه المجموعة كما تشاء نهج وسياسة الحكومة كأي حزب سياسي محترف، وسنقف معها دفاعاً عن حقها في التعبير والعمل السياسي حتى وإن اختلفنا معها، هذا ما نصبو إليه بعد خمسة عشر عاماً تجرعنا فيها المرارة والعلقم، سقتنا إياه جمعيات قسمتنا معسكرين وجندت الشعب كله خدمة لمشاريعها بدلاً من العكس، وارتهنت للخارج واتصلت بالسفارات الأجنبية أكثر من أن تتصل بشركائها في الوطن وجعلت من رئيس دولة إيرانية وعهداً دولياً أو منظمة دولية أعلى من دستورها ووطنها.لذا نأمل أن تصحح بقية الجمعيات وضعها وتعمل على ضم أطياف أخرى من المجتمع عاكسين حقيقة الشعب البحريني متعظين من الماضي القريب ومن تجارب مجاورة هدمت المعبد عليهم وعلى كل من في الوطن، أو أن تتخذ الدولة إجراءاتها وتطالبها بتصحيح وضعها حتى ننهي هذا الانقسام السياسي الذي قسمنا اجتماعياً، فالتصحيح لابد ان يكون جذرياً، وتخيلوا معنا اختفاء كل الجمعيات السياسية التي تضم طيفاً واحداً أو لتتقدم هذه الجمعيات عام 2018 بقوائم انتخابية تضم كل الأطياف ولتعارض الحكومة ولتشتد في معارضتها ولتستخدم كل الأدوات الرقابية المتاحة لملاحقة الفساد والتقصير والإهمال، فليس هذا ما يخيفنا بل هذا ما نطمح له.نتطلع لبحرين خالية من أي مؤسسة طائفية وخالية من أي سلطات تعد نفسها فوق سلطات الدولة، بحرين ينضبط شعبها بالقانون ويلتزم به وتلتزم مؤسساتها بتطبيق القانون وتفعيله على جميع المستويات سياسية أو غير سياسية، فما تطاولوا على الدستور إلا بعد أن خرقوا القانون بكل أشكاله وسكتت الدولة وتهاونت في مسؤوليتها.نتطلع لبحرين يلتفت أبناؤها لرقابة سلطاتها ومحاسبتها بعيداً عن الاستقطابات الطائفية، ويتطلع أبناؤها لنهضة تنموية شاملة اقتصادية واجتماعية ينظفون بيتهم من أدران المعسكرات الدينية ملتزمين بدينهم أحرار في ممارسة شعائرهم دونما حاجة لمرجعيات تقسمنا معسكرين وتنادي بسحق رجال أمننا وتقسم المجتمع إلى «أصلي» و«مستورد مرتزق».مجموعة أو حزب أو جمعية فعلت فينا هذه الأفاعيل مستعينة بتحالف أجنبي علينا وعلى بقية الشعب البحريني، مهددة ومبتزة لأمننا لا مكان لها بيننا اليوم وآن للدولة أن تمد قدميها بتفعيل القانون والدستور، لتبقي البحرين موحدة بسنتها وشيعتها عربية أصيلة رغم أنف إيران وحلفائها.