في العام 2009، جاء شاب إلى المرجع الديني الراحل السيد محمد حسين فضل الله من أجل أن يطرح أمامه فكرة مشروع إنشاء قناة فضائية دينية، وحين سأله فضل الله عن الهدف من إنشاء هذه القناة، أجاب ذلك الشاب أن الهدف الأساس من وراء هذا المشروع هو الدفاع عن أهل البيت وإظهار مظلوميتهم أمام العالم. حين خرج الشاب سأل بعضهم السيد محمد حسين فضل الله عن رأيهِ في الشاب وفكرته فأجاب: يبدو أن هذا الشاب يعمل وفق أجندة مخابراتية وأن مشروعه يصب في صالح المشروع الفتنوي الكبير الذي تديره الإدارات الغربية. هذا الشاب هو ياسر الحبيب - لا غيره - مؤسس وصاحب قناة «فدك» الفضائية.يبدو أن ياسر الحبيب ومن تلكم الآونة كان يسعى للحصول على تمويل من بعض المرجعيات الشيعية لدعمه أو الحصول على فتاوى دينية تجيز له أن يعمل في مجال «الفتنة» بين المسلمين، وحين لم يحصل على مبتغاه، بدأ بالتهجم وشتم وتسقيط وتسفيه كل المرجعيات الدينية التي عارضت مشروعه العبثي، وعلى رأسهم سماحة السيد محمد حسين فضل الله الذي نال نصيب الأسد من هذا الهجوم الشرس.نحن في الحقيقة لا نريد أن نسلط الأضواء على قناة غير مرغوبٍ فيها أصلاً من طرف كل المسلمين كقناة «فدك» الفضائية، كما لا نحب أن نعطي حجماً زائداً لشابٍ طائشٍ وسفيهٍ أرعن كياسر الحبيب، لكن لعل من أهم ما يمكن الاستفادة منه في هذه المواقف الحرجة والمعقدة التي نمر بها نحن المسلمين هو أن نبيِّن دور هذه الفضائيات المنحرفة في هندسة الجهل والخرافة وتبني المشاريع الفتنوية التي تريد أن تورط المسلمين في معارك مذهبية شرسة قد تكون مكلفة للغاية.ما يقارب خمسة أعوام على تأسيس قناة «فدك» التي لم يكن لديها أي مشروع سوى حزمة من الشتائم الرخيصة والإسقاطات التاريخية النائمة من أجل إثارة الفتنة بين أبناء المذهب الواحد وبين أبناء المسلمين قاطبة. نحن على يقين أن ياسر الحبيب ومن على شاكلته من الساقطين يحصلون على دعم مباشر من طرف بعض الدوائر الاستخباراتية الغربية التي تريد أن تشغلنا بالكثير من القضايا المذهبية التي ربما تلهينا عن واقعنا القلق وعن مستقبلنا الذي ربما يفلت من أيدينا لو قبلنا بمشاريع فتاكة كمشاريع ياسر الحبيب وغيره من أبواق الفتن الطائفية، ولهذا فإن المسلمين بشكل عام لم ولن يلتفتوا لهذه القناة التي تهين رموزاً إسلامية وتاريخية لها حضورها الطاغي في نفوس الناس، لكن نحن نهيب في ذات الوقت ببعض الجهلة الذين يعدون على الأصابع كي يصحوا من غفلتهم حين استطاع هذا السفيه إضلالهم ببعض المرويات الكاذبة أو الشاذة التي استقاها من بطون الكتب غير المعتبرة، فقط لأجل أن يأخذ الناس إلى حيث الفتنة الكبرى. قنوات ساقطة كفدك و»وصال» و»أهل البيت» و»صفا» وغيرها الكثير من أبواق التحريض المذهبي لا ينمون أصحابها إلا في ظل مستنقعات نتنة ولا يمكن لعاقل في عصر المعلومات والفضاء الفكري المفتوح أن ينساق خلفهم إلَّا من كانت لديه مشاريع سياسية واستخباراتية خطرة وواضحة. هذه القنوات المشحونة بالكُرْهِ قد تكلف الكثير الكثير من الجهد وإضاعة الوقت والمال والدماء حين ينشغل كل منَّا في مناقشة أفكار ونزاعات تاريخية غير صالحة للطرح فنطوِّعها قسراً في هذا العصر المتطور. سيبطل العجب حين نعرف السبب في أن تبث قناة قذرة كـ «فدك» كل سمومها من وسط «عاصمة الضباب» إلى حيث الشرق المشبَّع بالكراهية.