لنتأمل في هذه العبارات التي نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن المرشد الإيراني علي خامنئي بعد الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها حكومة البحرين بغية وضع حد للاستهتار الذي لا يريد البعض له أن ينتهي. «النظام يمارس الظلم ضد أغلبية الشعب.. أقلية (.....) تظلم الأغلبية.. خطوة تنم عن (......).. تلك الإجراءات بمثابة إزالة الحواجز من أمام الشباب البحريني ضد الحكومة.. وحين ذلك لا يمكن لأي شيء أن يحول دون هؤلاء الشباب».وبالتجاوز عن مستوى الألفاظ المستخدمة هنا والتي لا تليق بشخصية كهذه، ولكن يمكن غض الطرف عنها وإلقاء اللوم على المترجم الذي ربما لم يوفق في نقلها من الفارسية إلى العربية، فإن العنوان الذي يمكن أن تدرج تحته هذه العبارات لا يمكن أن يكون سوى التحريض المباشر وإعطاء الضوء الأخضر للبدء في الخطوة التالية والتي صار من الواضح أن الفترة الماضية كلها كانت تمهد للوصول إليها. لا تفسير لقول خامنئي بأن «ما حدث بمثابة إزالة الحواجز من أمام الشباب البحريني ضد الحكومة» سوى «السماح والأمر» ببدء الدخول في «المعركة المؤجلة»، وبدء مرحلة العنف التي تم التخطيط لها جيداً، ولأن من يشغل هذا المنصب لا يمكن إلا أن تكون عباراته وكلماته محسوبة ودقيقة لذا فإن هذا يعني أنه يعني ما يقول وأن الأيام المقبلة ستشهد ما يريد. كلام خامنئي خطير، بل خطير جداً، وينبغي أن يدرس بعناية من قبل المعنيين بالأمن هنا، فهو يتجاوز مرحلة التهديد إلى إعطاء الضوء الأخضر للدخول في المرحلة التي لا ينبغي الدخول فيها، فالبحرين ليست العراق وليست سوريا ولا لبنان أو اليمن، ولا بد من منع حدوث هذا الأمر، ليس من قبل الحكومة فقط ولكن من قبل «المعارضة» على اختلافها ومن قبل الجميع، ذلك أن المستفيد الوحيد من ترجمة هذه التعليمات إلى واقع هي إيران التي يفترض الآن أن يعي من فضلها على وطنه ويتبين أنها إنما تتخذه مطية لتحقيق حلمها القديم. في الخبر نفسه الذي تضمن ذلك التحريض المباشر نسب إلى خامنئي قوله إن تدخل إيران في سوريا والعراق سببه أن إيران تعلم أن ما يجري هناك هو «للنيل من إيران» وأنه لهذا «ردت إيران كيدهم إلى نحورهم»! وكذلك قوله إن «الشخص الذي يتوجه للدفاع عن حرم أهل البيت إنما هو يدافع عن مجتمعه ومدنه وهذا يعني أنه يدافع عن إيران»، وهذا يعني أنه يعتبر ما يقوم به «الشباب» في البحرين هو للدفاع عن إيران وأن على إيران أن «ترد كيد من يريد بها السوء إلى نحورهم». مؤلم صدور مثل هذه العبارات التحريضية عن المرشد الإيراني، لكن مؤلم أكثر أن يقرر شباب بحرينيون أن عليهم أن يستجيبوا لهذا التحريض وأن يعتبروه واجباً مقدساً لا يقبل النقاش خصوصاً بعدما تكشفت كثير من الأوراق أخيراً، ليس آخرها اعتراف أمين عام «حزب الله» بأن إيران هي التي تمول هذا الحزب منذ نشأته وأن لديها من الطرق لتهريب الأموال من طهران إلى بيروت ما لا يمكن حتى للجن الأزرق أن يعرفها.مرة أخرى لا بد من التنبيه إلى أن كلام خامنئي خطير جداً وينبغي أن يحمل على محمل الجد ويتم تحليله بدقة، فليس مستبعداً أبداً أن تكون عباراته مفاتيح للقيام بعمليات معينة في تواريخ محددة، تماماً مثلما أنه ليس مستعبداً أن يكون اعتراف حسن نصر الله بتمويل إيران لـ «حزب الله» مقصوداً وقد يكون إشارة لتنفيذ عمليات معينة في تواريخ محددة أيضاً، وكذلك تخصيصه فقرة من خطابه للحديث بتشنج وانفعال عن البحرين.