لو سألت صاحب أي بضاعة عن جودة بضاعته ومستواها فمن الطبيعي أنه سيمتدحها حتى لو كان يعلم أن فيها ألف عيب وعيباً، هذا يعني أن سؤالك أساساً غلط، لأنه من غير المعقول أن يذم البائع البضاعة التي يعرضها. هذا منطق. الأمر نفسه لو سألت مطروداً من بلاده عن تلك البلاد ومستوى الحريات فيها، حيث من الطبيعي أنه سيذمها وسيضع فيها ألف عيب وعيباً، فمن غير المعقول أن يمتدح بلداً طرد منه. هذا منطق أيضاً. ولأن الفضائيات «السوسة» تدرك هذا الأمر جيداً فإنها تحرص على الإتيان بكل مطرود من البحرين، مواطناً كان أم غير مواطن، وبكل من يتخذ من السلطة فيها موقفاً وتسأله عن رأيه في هذه البلاد وحكومتها! طبعاً الأكيد أنه لن يوفر كلمة سيئة عن البحرين يعتقد أنها يمكن أن تعيد إليه شيئاً من توازنه إلا ويقولها، والأكيد أنه سيستخدم كل ما يحتويه مخزون السب والشتم لديه ومن دون اعتبار لأي أحد ولأي شيء بما في ذلك القيم والأخلاق.قبل أيام استضافت فضائية «العالم» الإيرانية شخصاً إفريقياً كان يعمل في البحرين وأساء إليها فطرد منها، وسألته عن رأيه في البحرين وما يجري فيها ومستقبلها، فكان من الطبيعي أن يقول كل سيء عنها وكل ما يعتقد أنه يمكن أن يغيظها، فلا يمدح السوق إلا من ربح فيها، وبما أنه خسر في هذه السوق فإن الطبيعي هو أن يذمها.أما تلك الفضائية «السوسة» التي دأبت على الإساءة إلى البحرين منذ نحو ست سنوات فاعتبرت أنها حصلت على صيد مهم، وهو كذلك بالنسبة إليها، حيث من الطبيعي أن يقول كل ما يفرحها، ويفرحه، ومثل هذا اللقاء مكسب بالنسبة إليه هو أيضاً، وليس لها هي فقط. هي تريده أن يشتم وتعلم أنه مستعد لهذا، وهو يريدها أن تسمح له ليشتم ويعلم جيداً أنها لم تستضفه إلا ليقوم بذلك. بدا الأمر وكأن الفضائية تطلب منه أن يغني ليشجيها، وبدا الأمر وكأنه يطلب منها أن تسمح له ليغني ويشجيها.من هنا فإن العاقل لا يمكن أن يصدق شيئاً من ذلك الذي قاله، لأنه لا يمكن أن يقول غيره، ولأنه يقوله ولا يتوفر لديه أي دليل يؤكد صحة قوله. ومثل قوله يقوله كل من اعتبر نفسه متضرراً من السلطة في البحرين بغض النظر عن طبيعة الخطأ الذي ارتكبه، ذلك أنه هو وهم لا يملكون إلا أن يقولوا كل ما يسيء إلى البحرين، وهذا طبيعي ومنطقي أيضاً.لا مصداقية لأي شخص يتخذ من البحرين موقفاً، ولا مصداقية لأي فضائية مهمتها الإساءة إلى البحرين بأي شكل من الأشكال، وبالطبع لا يمكن لعاقل أن يثق في أشخاص كهؤلاء، وفضائيات كهذه.ما قامت وتقوم به تلك الفضائية «السوسة» هو أنها تأتي بمن تعلم جيداً أن لديه الاستعداد الكافي ليسب ويشتم البحرين وتسأله عن رأيه في البحرين وموقفه منها فلا يكون منه سوى أن «يطربها» ولا يكون منها سوى أن «تستطرب وترقص». ولأن هذا الأمر بات مكشوفاً وصار العالم كله يعرفه ويعرف نوايا تلك الفضائيات فإن أحداً لم يعد يصدق ما يقوله أولئك الأشخاص وما تبذله تلك الفضائيات من جهد ومال لتأكيده. لا يصدق ما يقوله أولئك وما تحرص تلك الفضائيات على نشره سوى أولئك الذين يعتقدون أن ذلك الكلام يمكن أن يعيد إليهم شيئاً من توازنهم الذي فقدوه بسبب تمكن البحرين من اكتشافهم ووضع حد لهم.