نأسف كل الأسف لأرواح الضحايا والشهداء والجرحى الذين سقطوا قبل أيام في مطار أتاتورك بإسطنبول وذلك في عملية جبانة وإرهابية دنيئة قضى على إثرها المئات بين شهداء وجرحى. تقول الأخبار إن «عدد الشهداء حتى هذه اللحظة بلغ 41 قتيلاً بينما عدد المصابين بلغ 239 في الهجوم الذي نفذه 3 انتحاريين، وهرعت سيارات الإسعاف إلى مكان الهجوم بينما نقل بعض الجرحى إلى المستشفيات بسيارات الأجرة». وقال مسؤولون إن «المهاجمين الثلاثة باشروا بإطلاق النار قرب مدخل مبنى المسافرين الدوليين في المطار ثم فجروا أنفسهم بعد أن تصدت لهم الشرطة وأطلقت النار عليهم». وذكر مسؤول تركي فجر الأربعاء الماضي أن «الغالبية العظمى من ضحايا الهجوم الانتحاري الذي استهدف مطار أتاتورك في إسطنبول كانوا من المواطنين الأتراك، ولكن كان بينهم أيضاً عدد من الأجانب». وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم الذي زار المطار في الساعات الأولى من فجر الأربعاء الماضي أن «الدلائل الأولية تشير إلى مسؤولية تنظيم الدولة «داعش» عن تنفيذ الهجوم». وقال في مؤتمر صحفي عقده في المطار إن «الأدلة تشير إلى «داعش»»، مضيفاً أن «3 انتحاريين فتحوا النار عشوائياً على المسافرين قبل أن يفجروا أنفسهم». وتشهد تركيا منذ فترة هجمات من هذا النوع، واتهم فيها أو اعترف بالمسؤولية عنها تنظيم الدولة «داعش» أو انفصاليون أكراد.لقد وصل العالم اليوم إلى مرحلة خطيرة للغاية فيما يخص محاربة الإرهاب، فالشجب والإدانات لم تعد تجدي نفعاً مع هذا الخطر الحاصل وليس المحتمل، ومن هنا لا بد من تكثيف الجهود الدولية الجادة في محاربة الإرهاب وقبل ذلك كله تجفيف منابعه وأصوله وبؤره عبر العالم. ما قد يؤاخذ على تركيا وبعض الدول هو استهانتهم في بعض مفاصل المعركة ضد الإرهاب، فالكثير من الصور التي تم عرضها عبر وكالات الأنباء العالمية كانت تشير إلى أن جنوداً أتراكاً كانوا يتبادلون الكثير من الضحكات مع مقاتلين من تنظيم الدولة «داعش» عند الحدود التركية السورية، وهذه من أكبر الأخطاء الاستراتيجية القاتلة التي لم تحسب لها إسطنبول أي حساب للمستقبل، وما التفجيرات التي حدثت قبل أيام إلا دليل على أن هنالك تراخي من طرف السلطات الأمنية التركية في هذا الشأن. بل يرى بعض المحللين العسكريين أن هنالك جنوداً أتراكاً ربما سهلوا ورتبوا للإرهابيين دخول المطار لتنفيذ عملياتهم الإرهابية، وهذا يعني أن الأمن التركي بات مخترقاً!بعيداً عن التحليلات أو «التعيير» بضعف الأجهزة الأمنية وبعض الأمور السلبية التي ارتكبتها القوات التركية في محاربة الإرهاب، سيظل الحديث الأكثر أهمية اليوم هو أهمية أن يتكاتف العالم وعلى رأسهم تركيا للوقوف صفاً واحداً ضد كل أنواع الإرهاب وفي مقدمتهم «داعش»، فكما أن الإرهاب بات يتجاوز كل القارات، يكون لزاماً أن تظل محاربته وتجفيف منابعه حالة دولية تشترك في صياغتها كل دول العالم، ومن ترفض من الدول أن تضع يدها في هذا الخندق ستكون معزولة ولربما توجه إليها أصابع الاتهام الواضحة بأنها من مموليه وداعميه. يبدو أن الرسالة أصبحت أكثر من واضحة.