علينا اليوم أن ندخل طوراً جديداً ومرحلة مغايرة فيما يتعلق بحفظ الأمن القومي في البحرين، والتصدي لمن يكيد لهذا البلد وأهله شراً، وتحديداً من الداخل قبل الخارج.معركة البحرين اليوم يجب أن تركز على الداخل في شأن محاربة الإرهاب، فهي – أي المعركة الداخلية – مرتبطة بأحداث وأفعال وجرائم وخطط ومكائد واستهدافات وهجمات وإرهاب واقع، في حين أن المعركة الخارجية مازالت محصورة في «الحرب الإعلامية» وأساليب الأخذ والرد، والمجابهة باستخدام الأدلة والشواهد، إضافة لبعض الشوشرة والإزعاج الكلامي الذي تمارسه بعض «دكاكين» حقوق الإنسان، وجهات متضامنة مع الانقلابيين، وبعض الجهات التي تقف مع أي كان، فقط إن كان يناهض نظام دولته ورموزها، باعتبار أن الدول دائماً على خطأ، وهؤلاء الناس هم الصح، حتى لو كانوا يمارسون الإرهاب الصريح، أو ينفذون أجندة دولة أخرى.عموماً، اليوم كمواطنين لا يهمنا الخارج بقدر ما يهمنا الداخل، الفوضى التي يمارسها هؤلاء الإرهابيون يجب أن تتوقف ويوضع لها حد نهائي.غير مقبول في بلد صغير كالبحرين، يريد أهله والمقيمون فيه أن يعيشوا هانئين آمنين، ويريد السياح والزائرون أن يسعدوا بأوقاتهم فيه، غير مقبول أن يرتهن الأمن الداخلي لعصابات من قطاع الطرق ومراهقين من «ملثمين» و»فتوات»، يقف وراءهم محرضون متدثرون برداء الدين، أو «متطرزين» بعباءة الجمعيات السياسية «المؤدلجة» وذات «الأجندات» و»القلوب الرقيقة» تجاه إيران. لا يجب القبول بحرب الشوارع والمهزلة هذه.اليوم لابد من «حرب داخلية على الإرهاب»، في عرفها لا سماح ولا غفران لمن قبل بأن يكون «أداة هدم» و»عنصر إرهابي» و»مجرم»، يمارس كل صنوف الإرهاب والفوضى بحق البلد وأهله.لابد من إيصال رسالة صريحة وواضحة اليوم، بأن مسألة «منح الفرص» و»العفو والسماح» مسألة وصلت لحدها الأقصى، إذ مع الاستهتار الحاصل بأمن البلاد وأهلها والتي أسفرت عن مقتل عديد من رجال الشرطة وإصابة مئات منهم، ووصلت لمرحلة قتل الأبرياء من المواطنين واستهدافهم، فإن من يضبط بجرم ارتكاب هذه الأفعال «لا رحمة» و»لا رأفة» ستطاله، بل القانون بأقسى عقوباته، ومن سيهب للدفاع عنه من جمعيات وشخصيات وإعلام ببيانات وتصريحات وتحركات هدفها «التشكيك في القضاء» أو «طعن مصداقية أجهزة الأمن» أو «التحريض على الدولة» أو «الإساءة لرموز البلد»، كل هؤلاء يجب ألا يخرجوا من طائلة المساءلة القانونية والمحاسبة.اليوم من هم في خانة «مساعدي الإرهابيين» من جمعيات شاركت في انقلاب 2011، ومن رجال «يستغلون» وضعهم الديني، ومن إعلام «متلون» معروفة نواياه الأصلية، هؤلاء هم أخطر من منفذ الإرهاب الحقيقي، لأن الأخير شخص «خلاص» تم غسل دماغه بنجاح، شخص «خلاص» قدم نفسه «قرباناً» لتنفيذ جريمة هناك أو استهداف الأبرياء هنا، لكن من يقف وراءه ومن «يشحنه» ومن «يغذيه» ومن «يعده بالدفاع عنه» لو مسك، ومن «متعهد» بأن يدافع عنه إعلامياً، و»يفبرك» القضايا لأجله، و»يشوه» الحقيقة في الخارج ليحوله من «إرهابي» إلى «حمامة سلام»، كل هؤلاء هم الأساس في الشر، هم «الشرارة» التي تبدأ «محرقة» الإرهاب في النهاية.الحرمان من الحقوق المكتسبة من الدولة، كالإسكان والتعليم وتوفير العمل والصحة، كلها أمور تطبقها الدول المتقدمة – يفترض – علينا ديمقراطياً بمئات السنوات، بحق كل من يخل بواجباته المدنية، فلا أمريكا تمنح إرهابياً حقا بتملك منزل أو التحصل على خدمات اجتماعية، ولا بريطانيا تقبل بأن يستفيد المجرم من خدمات صحية تساويه بحقوق المواطنين الأسوياء الملتزمين بالقانون، ولا دولة في العالم تستمر أصلاً في منح حقوق لإرهابي يخرب البلد ويضر أمنها القومي، بالتالي لابد من إيصال رسالة صريحة لكل من تسول له نفسه السير في هذا المسلك، بأن «الإرهابي» سينهي مستقبله ويتخلى عن حقوقه فور ممارسته الإرهاب.بل على عوائل هؤلاء الشباب، العوائل التي مازالت «تتباكى» حينما يتم القبض على أبنائهم الذين يقومون بالعمليات الإرهابية، تتباكى على الدولة حتى ترأف بحالهم وتخفف أحكامهم، ويتولى الإعلام الأصفر تصويرهم على أنهم «أبرياء» أو «حالات إنسانية تحتاج لرعاية صحية» وتوضع «صورهم مع أطفالهم» لترقيق المشاعر، على عوائلهم بدل البكائيات بعد ارتكاب الجرائم، عليهم أن يمسكوا بيد أبنائهم عن الطريق الخطأ، عليهم أن يقفوا ويتصدوا لمن يغسل أدمغتهم ويحرضهم سواء صاحب فتوى «اسحقوهم» أو جمعيات انقلابية وغيرهم، ناشدوا هؤلاء «اللاعبين» في عقول وإرادة أبنائكم، قبل أن تناشدوا الدولة، هؤلاء من أوصلوا أبناءكم لهذا المصير، وليست الدولة التي تقدم لكل مواطن ملتزم بواجباته وحتى من لا يلتزم ولا يثبت ولاءه التام لهذه الأرض مكتسبات وخدمات وتسهيلات، يستحيل أن تقدم لمجرم وإرهابي في الخارج.خلاصة القول، اليوم لابد من إعلان «حرب على الإرهاب الداخلي»، لا رأفة بحق من يستهتر بأمن البلد، ولا يجب التجاوز والتغاضي عن دور المحرضين والمناهضين للقانون والدولة حتى في الإعلام الانقلابي الذي مازال ينثر سمومه بين السطور، وهو يظن بأنه «إعلام فهلوي» لا يمكن «ضبطه» ولا يمكن «تحليل سطوره»، بينما في الحقيقة «نواياه» مكشوفة ومفضوحة منذ زمن بعيد جداً، ولولا سعة صدر الدولة، لكان «في خبر كان» منذ زمن أبعد.