بعد الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة والتي من الواضح أنها لم تكن متوقعة بالنسبة للبعض أو ربما كانت قاسية إلى درجة كبيرة، كثرت رسائل التهديد، بعضها جاء من إيران بدءاً من خامنئي ووصولاً إلى سليماني، وبعضها جاء من حسن نصر الله، وبعض ثالث ورابع وخامس جاء من العراق ومن آخرين بينهم من لا قيمة له ولا مكانة ولا تأثير. أما آخر التهديدات فجاءت قبل يومين من «بحريني» استضافته إحدى الفضائيات «السوسة» والذي يبدو أن الحماس أخذه فهدد النظام البحريني والنظام السعودي وبريطانيا والولايات المتحدة وربما دولاً أخرى وحكومات وأشخاصاً وقال من بين ما قال إنه «لو أقبلت الحكومة على إبعاد عيسى قاسم فإن عليها أن تتوقع «أننا» سنصير «حزب الله» والحرس الثوري»! هو كلام حماسي دونما شك ومتوقع في مثل هذه الأحوال خصوصاً من الذين يشعرون أنه ليس في يدهم مفيد يفعلونه، فمن يصير في هذه الخانة فلا غرابة لو هدد وتوعد، ومع هذا فإن الصحيح هو أن يؤخذ مثل هذا التهديد مأخذ الجد، ذلك أنه يدور في نفس فلك التهديدات التي أطلقها خامنئي ورددها سليماني ونصر الله ومقتدى الصدر وغيرهم من الذين اعتبروا أن ما قامت به الحكومة هنا يعتبر تجاوزاً «للخطوط الحمراء» وفسروا الأمر على أنه استهداف لأتباع مذهب بعينه واستهداف للمذهب نفسه. حقيقة، ما الذي يمنع من تحول من ارتدى الأكفان ومن شجع على ارتدائها وأشاد بمرتديها من القيام بعلميات كالتي يقوم بها «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني؟ وقبل هذا ما الذي يؤكد أنه لا توجد علاقة بين هؤلاء وأولئك؟ ألم يتم الحديث مرات عن تدريب على السلاح في إيران ولبنان وسوريا والعراق؟ ألم يتم الحديث مرات عن القبض على مجموعات كانت تحاول تهريب الأسلحة عن طريق البحر إلى البحرين ومصدرها إيران؟ ألم يتم الحديث مرات عن اكتشاف أسلحة ومواد لصنع المتفجرات في بعض القرى؟ ألم يتم القبض على مجموعات تورطت في مثل هذه الأفعال؟ ما الذي يجعلنا متأكدين أن أمرا ما لا يتم التحضير له في الخفاء؟ وما الذي يجعلنا نجزم بأن تلك التهديدات ليست إلا ردود فعل طبيعية يمكن أن تصدر من كل من فوجئ بالإجراءت التي اتخذتها الحكومة واعتبرها قاسية؟ لماذا لا نفكر في اتجاه أن أمراً ما يتم الإعداد له وأن تعاوناً بين كل هذه الأطراف يمكن أن يحدث وينتج عملاً ما يشعرهم أنهم قاموا بما يجعلهم يعتقدون أنهم انتصروا لمن ينبغي أن ينتصروا له؟ هذه التهديدات المستمرة من مثل هذه الشخصيات والأحزاب والدول، وهذا الشحن غير العادي الذي تمارسه الفضائيات والمواقع الإلكترونية «السوسة» ويتم لتحقيقه توظيف وسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها، وهذا العمل الذي لا يتوقف والهادف إلى تشويه سمعة البحرين في المحافل الدولية، كل هذا لا يمكن أن يكون مجرد ردة فعل أو كلاما نتاج عواطف، ولعل الذين هددوا ولا يزالون يهددون كانوا ينتظرون هذه الفرصة كي يبدأوا المرحلة الجديدة التي تمكنهم من المضي بقوة أكبر في خططهم التي تم اعتمادها في الخارج. هل تنفيذ تلك التهديدات سيتم مع مضي الحكومة في تنفيذ القرارات التي اتخذتها ومواصلة الإجراءات التي تراها ضرورية؟ أم أن التنفيذ سيتم في كل الأحوال وفور الحصول على الضوء الأخضر؟ هل فعلاً ستشهد البحرين مرحلة أخرى غير مرحلة اختطاف الشوارع وإشعال النيران في إطارات السيارات وتعطيل حياة الناس واعتبار ذلك بطولة؟ وهل التنفيذ سيقتصر على العناصر المحلية أم أن عناصر من «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني في لبنان وإيران سيشاركون فيه؟
Opinion
التهديد الأخير
04 يوليو 2016