البعثات الدبلوماسية سفارات كانت أو قنصليات لا تحاسب وحدها على صورتنا وما يكتب عنا في الإعلام الغربي، وبالتالي لا يقع عليها العبء الأكبر في تصحيح هذه الصورة، ومن الخطأ البقاء في الدوران في هذه الحلقة من الاتهامات المركزة على تلك المراكز الدبلوماسية بلا خروج منها أو مراجعتها. هناك مهمتان لا بد من توضيحهما، المطلوب أن تقوم بهما البحرين لنقل صورة واضحة عنها، الأولى الاتصال والتواصل مع مطابخ وصناع القرار من جهة، وهؤلاء يتجاوزون المناصب الرسمية، والاتصال والتواصل مع وسائل الإعلام الغربية من جهة أخرى.ولكي تؤتي هاتان المهمتان ثمارهما في الدول الغربية، أوروبية كانت أو أمريكية، فلا بد من أن يقوم بهما طرفان بحرينيان، بعثات رسمية و«بعثات» غير رسمية، والرسمية ضعيفة والثانية معدومة، الأهم أن يكون للاثنين «مرد راس» واحد في البحرين، مركز للمعلومات والتدريب والتنسيق يتولى التنسيق والجمع بينهما ويسهل لهما داخل وزارة الخارجية وخارجها.الاتصال والتواصل مع صناع القرار مهمة أساسية للبعثات الدبلوماسية أما التواصل مع الوسائل الإعلامية فتلك مهمة على الجانب، فصورتنا في الخارج تستقي الكثير من ملامحها من المنظمات ومن الأحزاب ومن مراكز الأبحاث، وهذه بدورها لا تستقي معلوماتها من السفارات فقط، وللعلم وسائل الإعلام الغربية تعتبر البعثات الدبلوماسية غير ذات مصداقية.البعثات الرسمية دورها مهم وحيوي جداً في فتح قنوات التواصل مع الأجهزة الحكومية ومع البرلمانات ومع الأحزاب لإطلاعهم على إنجازات الدولة، لإطلاعهم على مكتسبات المواطنين، لإطلاعهم على الجوانب الحضارية للدولة وما أكثرها وما أكثر ما يجهلونه عنا، وتلك مهمة تحتاج أولاً إلى «ديسك» بحريني نشط في وزارة الخارجية يعمل 24 ساعة في الأربع والعشرين ساعة دون توقف، «ديسك» يعمل أفراده حتى وهم في المنزل لفارق التوقيت بين البحرين والعواصم، وتفتح له المؤسسات الحكومية البحرينية أبوابها للاتصال في أي وقت من أجل المعلومة ويجد المرونة الكافية للتصرف دون مركزية تقيده ليأخذ المعلومة منهم ويعيد بثها للسفارات فهذه مركزية معيقة لا يمكن أن تتسق مع سرعة الأجوبة المطلوب توفيرها لحلفائنا ولأصدقائنا في مراكز القرار تلك، «ديسك» يركز على العواصم المهمة، يوفر للبعثات الدعم اللوجستي والدعم المالي، سفاراتنا تعاني من النقص الشديد في الاثنين معاً، الدعم المالي والدعم اللوجستي.أما للدفاع عن الاتهامات خاصة الحقوقية منها فإن أفضل من يتحدث عنها مروجاً أو مدافعاً فهم «البعثات» غير الرسمية إن صح التعبير، وهم مراكز أبحاث ودراسات وأكاديميون ومنظمات أهلية ييسر لهم «الديسك» حراكهم وتواصلهم مع المراكز الأوروبية والغربية، لأن هؤلاء من يستمع لهم صناع القرار ووسائل الإعلام، ويستقون منهم المعلومات لا من السفارات فقط. لدينا كم من الأكاديميين في مختلف التخصصات في جامعاتنا مهملون لم يوظفوا كواجهة وكمتحدثين جيدين عن أوطانهم، العديد منهم لديه قدرات ممتازة تحتاج فقط إلى صقل وتدريب بسيط، ولدينا شباب من خريجي جامعات أجنبية ينتظرون الفرصة يحتاج إلى فريق «كشافة» يرصدهم في جامعاتهم ويلتقط منهم من يصلح أن يكون واجهة مشرفة لوطنه ويستقطبهم. السعودية والإمارات بدأتا هذه المرحلة، ساعدت منظماتهما ومراكزهما البحثية على الاتصال والتواصل مع مثيلاتها الغربية، ونحن إلى الآن خطوة للأمام وخطوتان للخلف، على الأقل افتحوا خطوط اتصال مع تلك المراكز الخليجية إن عجزتم عن فتح مراكز بحرينية. أما الاستمرار في تحميل البعثات الدبلوماسية عبء تحسين صورتنا في «الإعلام الغربي» خطأ جسيم وإهدار للوقت ويعتبر قصفاً عشوائياً بعيداً عن الهدف.نحن بحاجة لوضع مشروع متكامل يضم وزارة الخارجية كأحد أعضاء المشروع لا كله، فريق يضع تصوراً شاملاً وكاملاً للسنوات الخمس القادمة يرسم للبعثات الدبلوماسية خطها ودورها ويضع في الوقت ذاته تصوراً للانفتاح على الإعلام الخارجي بشكل خارج الإطار التقليدي الذي اعتدناه يجمع جهد هذين المركزين «البعثات الدبلوماسية والإعلام الخارجي»، يخرج عن الإطار الذي نحن مستمرون فيه «من خلقت الدنيا»، والذي يعتمد على شركات العلاقات العامة التي تستنزف ميزانيات ضخمة وتضحك علينا!! نحن بحاجة لفريق لديه الخبرة في ماكينة صنع القرار، وماكينة التأثير الإعلامي يستعين بالخبرات المعتقة في السفارات ويطعمها بشباب التقنية الحديثة، يكلف بمهمة فتح القنوات غير الرسمية ويشكل حلقة الوصل بيننا وبين الغرب ويضيف بعداً آخر للعمل الدبلوماسي الرسمي باعتماد الدبلوماسية المدنية غير الرسمية.البحرين لديها مكتسبات ديمقراطية وقصص نجاح سياسي واجتماعي واقتصادي ولديها بعد تاريخي عريق ولديها وضع للمرأة نفاخر به الأمم وكلها عناصر مجهولة للغرب لم تستثمر ولم توظف، بإمكانها أن تسوق البحرين كل ما نحتاجه، أن نفكر خارج الصندوق والكف عن تحميل بعثاتنا الدبلوماسية وحدها عبء هذه المهمة الوطنية.