رغم الطقس الحار وتجاوز يوم الصيام هذا العام الخمس عشرة ساعة إلا أن شهر رمضان مر سريعاً، والسبب في اعتقاد الكثيرين هو الأحداث المحلية والإقليمية والدولية الساخنة والمتسارعة التي امتلأ بها والتي أدت إلى انشغال الصائمين بها نهاراً وليلاً. ولعل شهر رمضان هذا العام هو الأكثر من بين شهور العقود الأخيرة الذي شهد هذا الكم من الأحداث، بل إنه يمكن القول إن كل أيامه شهدت مآسي وحكايات صعبة وتفجيرات وكأن العالم مقبل على النهايات. أما محلياً فقد انشغل المواطنون بتطورات كثيرة بدأت قبل حلول الشهر الكريم بقرار ظل الكثيرون ينتظرونه طويلاً اتخذته الحكومة وملخصه أنه حان الوقت لوضع حد لهذا الذي استمر أكثر من 5 سنوات ووصل حد تعريض الوطن لمخاطر كثيرة. ولعل الانشغال بالتطورات المحلية وحدها كان كافيا ليمر شهر الله سريعاً، فما شهدته الساحة المحلية خلال شهر رمضان كثير وغير عادي لعل أبرزه قرار سحب الجنسية من عيسى قاسم ورد الفعل المبالغ فيه من قبل البعض الذي اعتبر ذلك خطاً أحمر، والانفجار الذي أدى إلى استشهاد امرأة بحرينية تواجدت بالصدفة في المكان الذي حدث فيه قبل العيد بأيام قليلة. ولأن شعب البحرين تعود في السنوات الأخيرة الدخول في التفاصيل لذا انشغل بها وكان من الطبيعي أن يمر شهر الخير سريعاً. المؤسف هو أن الأطراف ذات العلاقة بالمشكلة التي تعقدت كثيراً بسبب إيغالها في الزمن وتدخل العديد من الأطراف الخارجية فيها لم تستثمر شهر رمضان وما يوفره من أجواء إيجابية في التوصل إلى مخرج يرضي الجميع ويكون سبباً في العودة إلى ما كنا فيه، بل لم تعمل هذه الأطراف حتى على منع أولئك الذين استغلوا الشهر الكريم للمضي في أجندتهم وتهيئة الساحة لمزيد من التدخل الخارجي الذي بات مفضوحاً وصار الجميع يراه رأي العين. كانت الدعوات قبل حلول الشهر الكريم من قبل الكثيرين تتركز على العمل على الاستفادة من الأجواء الروحانية التي تتوفر عادة في هذا الشهر لتقريب وجهات النظر وتوسيع المساحة المشتركة والتي تسهل حل كثير من المشكلات، لكن أمراً مثل هذا لم يحدث وهذا مؤسف، بل إن ما حدث أدى إلى مزيد من تعقيد المشكلة، خصوصاً بعدما أخذ البعض موضوع الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة بكثير من التحدي واعتبرها موجهة ضد فئة بعينها ودفع نحو شحن العامة بغية التصعيد، لذا انتشر أخيراً الكلام الذي ملخصه أن الحكومة تسعى إلى التضييق على الشيعة وتحرمهم من ممارسة عقائدهم كما يريدون، وهو ما يصعب فهمه وتصديقه خصوصاً وأن البحرين تهتم دائماً بتوفير كل ما يعين الجميع على ممارسة عقائدهم بحرية. من هنا كان لافتاً أيضاً المعالجة التي قررها «العلماء» والتي تم بسببها تعطيل صلاة الجمعة وصلاة الجماعة لثلاثة أسابيع متتالية بعذر واه هو لفت انتباه العالم إلى ما زعموا أنه سلوك حكومي غريب للتضييق على المواطنين الشيعة ومنعهم من ممارسة عقيدتهم بالشكل الذي يرتضونه.حوادث محلية كثيرة شهدها شهر رمضان الذي لم تتم الاستفادة من أجوائه لحل مشكلتنا، وحوادث إقليمية صعبة شهدتها سوريا والعراق واليمن ولبنان والأردن وليبيا وغيرها من الدول زادت من انشغالنا بها وزادت من انقسامنا بسبب سيطرة النفس الطائفي عليها، وحوادث دولية لم تقل صعوبة وقسوة بعضها من بطولة تنظيم الدولة «داعش» وبعضها الآخر من بطولة آخرين لا يقلون خطورة عن «داعش». ورغم أن من الصعب منع تأثير ما يحدث إقليمياً ودولياً على المحلي إلا أن علينا أن نتخذ مثل هذه الحالات سبباً لتكاتفنا، ذلك أن تفرقنا يضعفنا ويعين على انتهائنا نحن هذه المرة سريعاً.
Opinion
شهر رمضان والأحداث الصعبة
06 يوليو 2016