من الأقوال المهمة للعلامة السيد محمد علي الحسيني «الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان والذي يمثل المرجعية السياسية للشيعة العرب»، إن «من أهم الأسباب للفتن المذهبية استعمال السبِّ والشتم واللعن للطرف الآخر الذي تختلف معه لأنه يفتح ثغرة في جدار الأمن القوميّ العربي»، فسماحته يرفض بشدة سب الصحابة ويحرم التعرض لهم بسوءٍ ويؤكد على عدم جواز المسّ مطلقاً بأمهات المؤمنين، ويعتبر ذلك أمراً محرماً ويؤذي الأمن القومي. كلام وموقف الحسيني يكفي للرد على المدعو ياسر الحبيب الذي خصص فضائية أطلق عليها اسم «فدك» لغرض سب صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بعدما «قرر» أنهم جميعاً في النار. لكن لأن الكلام والتعبير عن الرفض لا يكفي في مثل هذه الحالات لذا فإن المطلوب هو أن يتحمل علماء الدين من الطائفتين الكريمتين مسؤولية وضع حد لاستهتار هذا الذي تم طرده من الكويت، فما يقوم به من لندن يشق الصف ويفتح ثغرات في كل الجدران ويسيء إلى الإسلام.ولكن لأن هذا «الحبيب» ليس الوحيد الذي يمارس هذا السلوك الخاطئ، وبما أن الأحوال التي تمر بها البلاد العربية والإسلامية تستوجب سد مثل هذه الأبواب التي يأتي منها الريح المؤذي لذا صار لزاماً على كل من بيده منع حدوث مثل هذا الأمر أن يفعل، وبما أن الفعل هنا ليس فرض كفاية لذا فإن الواجب يشمل الجميع وإن كان دور علماء الدين أكبر لأنهم مؤثرون ويستطيعون مواجهة الحجة بالحجة وفرض رأيهم على كل من يعتبر عمله مسيئاً للدين وللأخلاق ويؤدي إلى شق الصف الإسلامي ويؤثر سلباً على الأمن القومي. الأمة العربية والإسلامية اليوم في حاجة ماسة إلى من يوحد صفوفها ويضرب على يد من يشق تلك الصفوف أياً كانت الأسباب وأياً كانت قناعاته واعتقاده. الظروف التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية لم تعد تستوعب التحقيق في ما حدث وجرى قبل أربعة عشر قرناً من الآن، فما حدث وجرى صعب إثباته وتأكيده وينبغي ألا يتحكم في حياتنا اليوم خصوصاً وأن أحداً منا لا يستطيع تغييره، وخصوصاً أيضاً أن لدينا المحك الذي يعيننا على تبين كل الأحكام التي تنظم حياتنا وتعيننا على الإعداد للحياة الأخرى وهو القرآن الكريم.سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه لا يفرح إلا أصحاب العقول البائسة والذين لا يدركون خطورة هذا السلوك الخاطئ والآثم ولا يقدرون تأثيره على حياتنا وعلاقاتنا ببعضنا البعض، كما أن حياتنا لا ترتقي بمثل هذا السلوك. اليوم مسؤولية المسلمين عظيمة، ومسؤولية علماء الدين أعظم، ذلك أنهم يستطيعون أن يسدوا هذا الباب المؤذي ويفتحوا بدلاً عنه أبواباً أخرى تؤدي إلى التكاتف ورص الصفوف وبما يعين على مواجهة كل من يريد بهذه الأمة وبهذا الدين السوء. ما يقوم به المدعو ياسر الحبيب وأمثاله لا يقل خطورة عن الذي يقوم به «داعش»، فكلاهما يمارس التطرف الذي لا ينتج إلا الحقد وتسيل بسببه الدماء. وكما أن أحداً من المسلمين لا يقبل بما يفعله «داعش»، كذلك فإن أحداً من المسلمين لا يقبل ما يفعله ذلك المتخلف، إلا من فقد عقله منهم. حاجتنا اليوم ماسة إلى علماء دين من قبيل السيد الحسيني الذي يسعى بكل ما يمتلك من طاقة إلى توحيد الأمة وبيان السلوكيات الخاطئة التي تؤثر على العرب والمسلمين وتسيء إلى ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، والتحذير من الذي تقوم به إيران التي ابتدعت «الولي الفقيه» كي تسيطر على فقراء العقول وتجعلهم «يطربون» عندما يسب «الحبيب» أصحاب الرسول وأمهات المؤمنين.