لو كان مدرب المنتخب الألماني «يواكيم لوف» في غير ألمانيا – و تحديداً في إحدى الدول العربية أو الخليجية على وجه الخصوص – لكان مصيره إما الإعفاء أو الإقالة بعد خروج المنتخب الألماني خالي الوفاض من «يورو 2016»، كما هو الحال بالنسبة لـ«يورو 2012»، وقبل ذلك «يورو 2008» الذي اكتفى فيه بالوصافة خلف إسبانيا قبل أن ينجح في الظفر بكأس العالم 2014 و يحقق انتصاراً تاريخياً على البرازيل في عقر دارها، إلا أن الاتحاد الألماني لكرة القدم أكد على لسان رئيسه التمسك بـ«لوف» وتجديد الثقة فيه للعام العاشر على التوالي لمواصلة قيادة «المانشافت» للدفاع عن لقبه المونديالي في نهائيات روسيا 2018!هكذا هو النهج الألماني الحضاري الذي يؤمن إيماناً راسخاً بأهمية الاستقرار الفني ويعمل على تطبيق هذا المبدأ منذ عشرات السنين، وهو ما جعل الكرة الألمانية مستقرة في تصنيفها الدولي ومواصلة الظهور في نهائيات كأس العالم باستمرار ومحتفظة بهيبتها كدولة منافسة على كل الألقاب الكروية العالمية والأوروبية.أين نحن يا ترى من هذا النهج المفقود في كرتنا العربية عامة والخليجية خاصة، ولماذا نصر دائماً على تحميل المدربين مسؤولية إخفاقاتنا الكروية؟ ولماذا نضع الفوز بالألقاب معياراً مطلقاً لتقييم أداء المدربين دون أن نلتفت إلى أخطائنا الإدارية والتنظيمية بدلاً من تعليق كل هذه الإخفاقات على شماعة المدربين؟!نحن في البحرين نعاني من نفس المشكلة في مختلف الألعاب وبالأخص في الجماعية منها وأنا هنا لا أتكلم من فراغ بل من واقع الأرقام التي لو رجعنا إليها لوجدنا أن الكم الكبير من المدربين الذين تعاقبوا على قيادة فرق أنديتنا أو منتخباتنا الوطنية في هذه الألعاب وبالذات كرة القدم هم من كانوا ضحايا إخفاقاتنا، مع أن الواقع يقول غير ذلك بدليل أننا ما نزال متخلفين عن الركب القاري والعالمي الأمر الذي يؤكد أن الخلل ليس في هوية المدربين وكفاءتهم بقدر ما هو ذو علاقة بغياب الخطط والاستراتيجيات القائمة على البناء السليم والاستقرار الفني والإداري مثلما هو النهج الألماني المثالي.للأسف الشديد نجد عندنا الهرم مقلوباً في ظل التوجه الخاطىء نحو البحث عن اللاعب الجاهز محلياً أو خارجياً تحت ما يسمى بمظلة الاحتراف أو (التجنيس ) أو (استئجار) اللاعبين سعياً لتحقيق بطولة أو ميدالية لا تغني ولا تسمن من جوع في الوقت الذي تتلاشى فيه التوجهات بالاهتمام بالقاعدة في الأندية مما يؤدي إلى إحباط المواهب الرياضية الوطنية وهروبها إلى مجالات أخرى!رياضتنا اليوم في أمس الحاجة إلى الاقتداء بالنهج الألماني القائم على الخطط والاستراتيجيات طويلة المدى، والإيمان بأهمية الاستقرار والاعتماد على البناء السليم الذي يبدأ من القاعدة بدلاً من الاجتهادات التي لم نجنِ من ورائها سوى الخسائر المادية والبشرية والميدانية!
Opinion
أين نحن من النهج الألماني؟!
11 يوليو 2016