السؤال الذي فرض نفسه بقوة فور انتهاء رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل من كلمته في مؤتمر المعارضة الإيرانية الذي عقد في العاصمة الفرنسية هو: «هل حان الوقت لدعم دول الخليج المعارضة الإيرانية وتقويتها» ؟ أما الجواب عن هذا السؤال المهم فهو نعم، وكذلك القول إن هذه الخطوة تأخرت كثيراً فلو أن دول الخليج العربي والدول العربية إجمالاً اتخذت قراراً بالتصدي لمحاولات النظام الإيراني التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج والدول العربية منذ اللحظة الأولى لما تمادى في هذا الفعل ولتم تحجيمه وتمكن من معرفة قدره، فالخطأ الأساس كان خطأ دول الخليج والدول العربية عندما لم تتحرك لحظة التدخل الأول في شؤون بعضها ما أدى إلى أن قرأ النظام الإيراني ذلك قراءة سالبة وفسر السكوت بالضعف وعدم القدرة على المواجهة فتمادى، ساعده على التمادي الكذب الذي ملأ به الدنيا بحديثه المتواصل عن قدرته على إنتاج الأسلحة والصواريخ التي لا تهدد الدول العربية فقط وإنما إسرائيل والولايات المتحدة أيضا. نعم لقد حان الوقت لدول الخليج العربي وللدول العربية ولكل رافض لهذا الاستهتار الذي يمارسه النظام الإيراني ليدعموا المعارضة الإيرانية بوضوح وبقوة ، فهو السبيل لمنع هذا النظام من التدخل في شؤون الدول الأخرى ولإضعافه وهز أساساته وفتح الطريق أمام المعارضة الإيرانية لتحصل على حقها ولتعود إيران دولة إيجابية تسهم بفاعلية في الحضارة الإنسانية، عدا أن هذا الدعم من شأنه أن يؤدي إلى إنهاء حالة الطائفية البغيضة التي أسس لها نظام الملالي بغية حماية نفسه والاستمرار في السلطة . ما قاله تركي الفيصل في كلمته المهمة هو بالضبط ما كان يريد قوله كل مدرك لخطورة النظام الإيراني وكل عارف بتأثيره السالب على الحضارة الإنسانية، فالخميني رسخ سلطة مطلقة لنفسه بناء على نظام ولاية الفقيه فصار المرشد الإيراني ظل الله على الأرض والوكيل الحصري لمنح شهادات دخول الجنة، والخميني حاول فرض وصايته على كل الدول الإسلامية وليس على إيران فقط، والقمع في إيران لا يقتصر على المعارضين ولكنه يشمل كل الأقليات وخصوصاً العرب والسنة والأكراد، والخميني كذلك أسس لمبدأ تصدير الثورة الإيرانية إلى الدول العربية والإسلامية وهو ما جعل كل دول المنطقة تنفر من هذا النظام منذ اليوم الأول لتسلمه مقاليد الحكم في إيران ذلك أن هذا المبدأ المتهور أدى إلى خلق نزاعات كبيرة في دول العالم الإسلامي . أيضا قول الأمير الفيصل أن هذا النظام دعم جماعات طائفية لزعزعة الاستقرار في عدد من الدول وأنه لهذا لن يسمح له بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وكذا قوله إن العرب لن ينصاعوا لخطط سياسية ترسم في واشنطن ولندن، وأنهم يكنون عظيم الاحترام للثقافة الإيرانية والإسهامات الفارسية، وأن المعارضة الإيرانية ستحقق مبتغاها في رحيل النظام. فكل هذا كان الجميع يود أن يقوله لو حصلوا على الفرصة التي حصل عليها من قاله بالنيابة عنهم في ذلك المؤتمر التاريخي الذي يعتبر بداية النهاية لنظام الملالي الذي بدل أن يوفر نموذجاً يحتذى وفر مثالاً للفساد والظلم والتدخل في شؤون الآخرين، لهذا عندما قال الأمير تركي الفيصل إن «الانتفاضات في أنحاء إيران اشتعلت ونحن في العالم الإسلامي معكم قلباً وقالباً نناصركم» ضجت القاعة بشعار «الشعب يريد إسقاط النظام « ثم ضجت مرة أخرى عندما قال سموه «وأنا معكم أريد إسقاط النظام» . لعل التعليق الأبرز على هذا الحدث المهم جاء على شكل تغريدة للإماراتي عبد الخالق عبدالله حيث كتب «يجب إشغال إيران في داخلها كما هي تحاول أن تشغلنا في داخلنا» وهو ما ينبغي أن يتعاون الجميع اليوم لتحقيقه.