لأن أهل الخليج يتميزون بقابليتهم «للتعولم» قتل الغرب لدينا روح الابتكار والخروج على الأنماط المعتادة، فلم يعد الانقياد لهم خياراً بين خيارات، فجميع الحلول لمكافحة الإرهاب بإيحاءات غربية من جورج فريدمان، ناشر»ستراتفورد»، أودانيال بايبس صاحب نظرية «الشمولية الثالثة» حيث يرى أن شمولية الإسلام المتطرف إكمال للشمولية الفاشية والشيوعية؛ والحل بهزيمة الحركة الإسلامية المتطرفة، ثم نشر صورة للإسلام تتصف بالحداثة. وربما يكون الفشل الذي قاد لاستمرار تلقي ضربات داعش الموجعة يعود بشكل أساسي إلى حداثة تلك الأفكار الغربية نسبياً على الفكر العربي عموماً. فقد مر عقدان ولم نحصل إلا على مزيد من الجثث والعداء للعرب والمسلمين. أما الأسلوب الثاني لمكافحة الإرهاب فكان تحت مظلة القيم الدينية الإسلامية، فتم ترويج خطاب الوسطية بحملات إعلامية ضخمة، كما أقيمت مراكز المناصحة، لكنها لم توقف هجمات داعش التي ينفذ بعضها صبية من محيطنا الخليجي، أو من أبناء جوارنا الإقليمي.وأمام ظاهرة لم تستطع حلول الغرب أن توقفها، ولأن الإرهابيين لايؤمنون أصلاً بالوازع الديني الذي تبثه الأجهزة الرسمية؛ لا يبقى إلا الاعتراف بأننا نحتاج قبل ممارسة الإدانة لفشل هذين الطرفين إلى محاولة القراءة والفهم، فالقيم هي المعايير العامة التي تزود الفرد بالتوجهات لما يجب أن يكون عليه السلوك في إطار مجتمعه. وقد استمد الخليجيون قيمهم من البيئة والظروف المحيطة بهم. كالمروءة والشيمة، والعيب، والشجاعة، والكرم، وقيمة حماية الدخيل وإجارته. فطبيعة الصحراء الشاسعة القاحلة جعلت صحراويتهم شحنة من القيم يتسابقون على تحقيقها بفروسية ونبل. لقد كان الخليجيون أهل فطرة يبغضون الابتذال والتسفل، والنذالة، فكيف انقلب بعض أبنائهم إلى نقيض السلوك الإنساني بالقتل الجماعي! لم يأت الدين الإسلامي ليزيل قيمنا العربية مما يجعلنا في حيرة أمام النزوع إلى تجاهل ثقافتنا وقيمنا المحلية للتعامل مع ظاهرة يشكل أبناؤنا جزءاً منها. لقد نجح المتطرفون في إبراز القيم العربية بوجهها القبيح فاستغلوا فينا قياسنا للرجولة بمقياس الغلبة والاستحواذ، وهي قيم ترتفع عند فئة عمرية تعد الكوادر الأكثر في داعش. ولوقلنا دَاوها بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ لوجدنا أن الحل في إحياء قيمنا العربية لتحل محل مشروع غربي أو خطاب مناصحة مغرق في التقليدية يرى أن قيمنا الصحراوية العربية شكل من الرجعية الإسلامية.*بالعجمي الفصيح تكتنف قيمنا قسوة الصحراء والبحر، مما يجعل «العيب» عند البعض أشد من الحرام، وأكثر رهبة من طائرات التحالف. فلماذا لا نحيي قيمنا العربية التي طالما كانت ستاراً دون التحريض على قتل الابن لأمه وأبيه.
Opinion
الإرهاب.... دَاوِها بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ
13 يوليو 2016