ربما يزيد رزق المحامي مع وجود قضايا وجرائم مختلفة داخل المجتمع، كذلك بالنسبة للورش/الكراجات الخاصة بتصليح السيارات ربما تنتعش أكثر في ظل تزايد عدد الحوادث، وهذا الأمر ينسحب على بقية الوظائف التي تعتمد بشكل أساسي على الحالات الطارئة أو غير الطبيعية داخل المجتمع. هذه النماذج يمكن أن تنسحب على قضايا أكبر وأخطر بكثير من هذه القضايا الصغيرة التي طرحنها في بداية حديثنا هذا لتقريب الفكرة فقط. فنحن نستطيع توسيع دائرة وعينا بأهمية وجود المزيد من المسائل الدولية تنطبق عليها هذه الجزئية لكن في قوالب مختلفة من حيث الحجم والمساحة.بُعيد الأزمة المالية العالمية وإفلاس آلاف المؤسسات النقدية والمصرفية الغربية عبر العالم، إضافة لإفلاس مئات الآلاف من الشركات التجارية العملاقة التي تعني بالصناعات والبناء، ومع استقرار الدول والمجتمعات في منطقة الشرق الأوسط وبقية العالم، اعتقد الغرب جازماً أن الوضع العام الذي يخص بيع السلاح وتداول الأموال وتدويل حركة رؤوس الأموال والصناعات الكبرى من الغرب إلى الشرق بات في خطر، ومن هنا يكون الاستقرار «الأوسطي» لا ينتج حليباً ولا ينفع تاجر سلاح أو تاجر نفط في الداخل «الأوروبي»، ومن هنا ولإعادة الحياة للاقتصاد الغربي الذي أصبح في عداد الموتى ولإنعاش أسواق النفط والسلاح كان لابد للفوضى أن تنتشر، ولابد للشرق أن يتقسَّم وفق خريطة اقتصادية جديدة تُراعي مصلحة الجهة الغربية من الأرض، حتى ولو كانت على حساب تفتيت الدول وتهجير الشعوب وتأزيم كل المنطقة، ففي عُرْف اللصوص البِيض لا قيمة للأخلاق ولا معنى للقيم إذا تعرضت المصالح الغربية للخطر، فما نراه اليوم من فوضى غير مسبوقة تعتبر من أبرز المؤشرات على أن الغرب بدأ يفتعل الأزمات ويثير الصراعات ويفسد الاستقرار من أجل مشروعه الجديد، ولأجل أن يتحرك الاقتصاد الغربي للأعلى ليصل لأفضل مستوياته، كان يجب أن تشتعل المنطقة بالكامل حتى دون مراعاة لقيمة الإنسان والدم، فالمشروع الأمريكي/الغربي بدأ يترك بصماته بكل قوة في المنطقة، وقد لا نستغرب أبداً بعد انتهاء كل الصراعات في الشرق الأوسط من أن نجد الشركات الكبرى الغربية المُفلسة هي التي تقوم بإعمار بغداد ودمشق وليبيا وبقية الدول التي تضررت جراء ربيعهم «الغربي». فالغرب المتوشِّح بالأنانية لا يهمه كيف يجب أن تعمل مصانع السلاح والطابوق والحديد وحتى مصانع التطبيب، فكل ما يهمه الآن هو أن يستمر نزيف الدماء وسقوط أكبر كمية ممكنة من القذائف المصنوعة هناك على المدن الآمنة لتنتعش مصانعه التي أصابها العطب جراء الإفلاس المالي، واليوم لا يهمه أن يفلس أخلاقياً من أجل أن يتجنب أزماته المالية التي قد تطيح به في مزبلة التاريخ الإنساني. هذا هو الغرب السياسي الذي يفاخر بقتلنا كما تفاخر من قبل بحصد أرواح أبرياء «هيروشيما» في لحظة غرائزية ساقطة. هذا هو الغرب الذي يعلمنا معنى الإنسانية في الوقت الذي يسحق فيه جماجم الملونين «السُّود» في بعض الولايات الخاضعة لحكم أكبر دولة ديمقراطية على وجه الأرض. إنه الوهم وبيع الوهم.