محسن رضائي، أمين «مجمع تشخيص مصلحة النظام في الجمهورية الإسلامية الإيرانية» كتب أخيراً في صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي فيما بدا أنه رد على تصريحات الأمير تركي الفيصل الذي شارك في مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس الأسبوع الماضي بكلمة هزت إيران والعالم ولفتت الانتباه إلى الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب الإيراني المظلوم، كتب ما ملخصه «إننا لا نغضب سريعاً لكننا لو غضبنا فسوف لن نبقي لآل سعود أثراً على وجه الأرض»! واصفاً المؤتمر بأنه مؤتمر منافقين (يقصد بذلك منظمة خلق التي وصفها أيضاً بالإرهابية) ومدعياً أن الفيصل طلب في كلمته من مجاهدي خلق البدء بعمليات الاغتيال في إيران، ومضيفاً أن «الدعم الرسمي من جانب السعودية لمنظمة خلق أثبت بأن جميع عمليات الاغتيال التي تمت خلال الأعوام الأخيرة نفذت بدعم من السعودية»! (هكذا ببساطة). ومتهماً المسؤولين السعوديين بأنهم «عقدوا مثل هذه الاجتماعات قبل عدة أشهر مع تنظيمات «الديمقراطي» و«كومولة» و«بيجاك» في أربيل بكردستان العراق» وأنه «قد وقعت عدة عمليات اغتيال في منطقة كردستان إيران لغاية الآن» ، مختتماً «غضبه» بالقول «رسالتنا إلى آل سعود بدءاً من اليوم هي أننا لا نغضب سريعاً ولكن لو غضبنا فسوف لن نبقي أثراً لآل سعود على وجه الأرض»، وكذلك «إننا نعتبر الحكومة السعودية بأنها هي المسؤولة عن عمليات الاغتيال المنفذة من قبل المنافقين والمناهضين للثورة وقد جمعنا الوثائق المتعلقة بها».طبعاً ردة الفعل هذه طبيعية، فما الذي يمكن أن يقوله أي مسؤول إيراني بعد تلقي هذه الضربة الموجعة على الرأس؟ وما الذي يمكن أن تقوله حكومة الملالي وهي ترى نفسها محاصرة في هذه الزاوية الضيقة ومفضوحة أمام العالم وصغيرة غيرهذا الذي قاله رضائي؟ لعل الملاحظتين الأبرز على ما كتبه هذا الشخص هي أنه قال إن إيران لا تغضب، لكنه قال ذلك وهو غاضب، فما كتبه لا يمكن أن يكتبه شخص في كامل أو بعض هدوئه، وهذا يعني أن الضربة كانت موجعة حقاً. والملاحظة الثانية هي أنه كشف بتهديده عن ضعف إيران، فلو كانت إيران قوية كما تدعي دائماً لما احتاجت إلى توجيه التهديدات، ذلك أن التهديد في كل الأحوال ودائماً لغة الضعيف وليس القوي، فالقوي لا يهدد وإنما يفعل، وهكذا فإن ما كتبه رضائي يؤكد أن إيران ضعيفة وأنها تكذب على نفسها بالادعاء بذلك وبأنها لم تغضب بعد. وهذا يعني أيضاً أنها غير قادرة على «محو» أحد من على وجه الأرض فكيف بآل سعود الكرام ومملكتهم التي يحسب لها العالم اليوم ألف حساب وصارت رقماً مهماً ومؤثراً في السياسة الدولية وتطورات الأحداث؟ أما الادعاء بأن السعودية وراء عمليات الاغتيال التي تمت في إيران أو كردستان، والقول إن الأمير تركي الفيصل أعطى بكلمته الضوء الأخضر لتنفيذ سلسلة جديدة من الاغتيالات في إيران فكلام «مأكول خيره»، ذلك أن من الطبيعي أن توجه إيران عبر الحسابات الشخصية لمسؤوليها وحتى رسمياً مثل هذه الاتهامات للسعودية ولشخص الفيصل الذي كشف جانباً من الوجه القبيح لإيران وأعلن عن «غضبة» العرب على حكومتها وما تفعله في المنطقة وفي شعبها الذي تحكمه بالحديد والنار ولا يجد متسعاً ليقول «لا» إلا في الخارج، وإن لم يضمن سلامته أيضاً، فتاريخ حكومة الملالي يؤكد أنها تدير عناصرها وفرق التخريب في مختلف دول العالم بكفاءة. لا قيمة لغضبة إيران ولا لصراخها، وما تفضل به الأمير تركي الفيصل هو بمثابة إعلان عن الدخول في مرحلة جديدة ستذوق فيها إيران قليلاً أو كثيراً مما ظلت تذيقه لشعبها ولشعوب دول المنطقة.