ما زال الغرب يرتدي نظارته السوداء السميكة ولا يريد عمداً إبصار الحقيقة فكلما ضرب الإرهاب مناطقهم وقبل أن يشيع الضحايا إلى مثواهم ويغادر الجرحى مشفاهم يتسارع قادتهم إلى تحميل الإسلام والمسلمين مسؤولية الإرهاب العالمي وبمجرد أن يعثروا على أي وثيقة بحوزة الإرهابي تشير إلى أنه مسلم دون حتى انتظار نتائج التحليل المختبري وجمع الأدلة الجنائية والانتهاء من دور التحقيق علماً أن أغلب الاعتداءآت الإرهابية التي تطالهم تنفذ من قبل مواطنيهم وليس من مقيمين أو وافدين وبعض الإرهابيين قد يكونون من أصول آسيوية عربية أو إفريقية أو شرق أوسطية لكنهم ولدوا وتشربوا من ثقافاتهم وعاداتهم كما هو حاصل مع الإرهابي الذي دهس بشاحنته بوعي أو كما يقال (فاصل) بدون وعي العشرات من الأبرياء المتجمعين للاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي في مدينة (نيس) فتبين لاحقاً أنه فرنسي الجنسية والمولد لكنه من أصول تونسية.فقبل البحث في ملف الإرهابي وخلفيته والاتصال بذويه وأصدقائه ومحيطه الذي نشأ فيه وجمع المعلومات عنه يتسارع رؤساء وممثلو الحكومات بتفصيل وتلبيس التهمة بالإسلام والعالم الإسلامي خصوصاً إن كان منتمياً رسماً للإسلام وحتى إن كان المنفذ الذي سطر في أوراقه الثبوتية أنه مسلم فربما قد يكون هو ملحد ولم يسجد في حياته قط لله سجدة واحدة، أو هو مدمن بتعاطي المخدرات أو قد يكون مريضاً نفسياً أوهو ربما مثلي ومنحرف جنسياً أو يعاني من عقد نفسية واجتماعية عجزت مراكزهم الصحية عن تشخيصه.فهل من الإنصاف أن يتحمل الإسلام والعالم الإسلامي وزر وإجرام من يحمل واحداً من تلك الصفات والأوصاف؟؟ التي يحرمها ويجرمها الإسلام في تعاليمه كما يحرم قتل النفس البريئة في جميع أوامره ونواهيه والتي تنعكس إيجاباً في حياة المسلم المتزن المعتدل، على العكس من الإرهابي والذي لا شيء يربطه بذلك الدين الحنيف ذلك سوى أنه مثبت في جوازه أنه مسلم.؟؟ولو كان الإرهاب منبعه الإسلام كما يدعون زوراً لما وصلت يد الإرهابيين إلى جوار نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم !! ولاننسى أن الدول الإسلامية والعربية تعاني من شرره أكثر من الدول الغربية.ثم لماذا عندما يقع الإرهاب من قبل أشخاص ليسوا بالمسلمين لا يشار لدينهم؟؟ كما حصل في العديد من الاعتداءآت التي تطال الجامعات وطلاب المدارس ومرتادي النوادي الليلية ووسائل النقل وخطف الطائرات فلا يقال إن المنفذ هو مسيحي أو يهودي أو بوذي أو هندوسي بل يستثنى معهم عمداً الدين فيخرج لنا الناطق باسم الحكومة المعنية ويصرح وبعد التحري والانتظار ببيان مقتضب (( تبين أن (المعتدي) ويتجنبوا أيضاً وصفه بالإرهابي هو مدمن مخدرات أو مثلي أو مريض نفسيا))!! وقد بحثت في أغلب البيانات والإدانات الصادرة بعد وقوع الحوادث الإرهابية والتي مسرحها في الدول الغربية فلم أعثر على بيان يتناول ديانة ومذهب المجرم (عدا المسلم) ولم أعثر على أي تلميح أوتصريح تحمل الديانة المسيحية أو اليهودية أو العالم المسيحي والعالم اليهودي المسؤولية الدينية إن كان المنفذ يحمل أياً من تلك الديانات باستثناء عندما يقع الاعتداء ممن يتبين لاحقاً مايشير إلى أنه يعتنق الإسلام ديناً فتهب تلك الدوائر والحلقات الإعلامية المشبوهة من فورها لتحمل الدين والعالم الإسلامي وتعاليمه المسؤولية وكأنه هو الذي حرضهم وجندهم، فما هذا التمييز المقصود حتى في توصيف الإرهاب والذي بات مفضوحاً.جميع الأديان والمذاهب بلا استثناء هي براء من الحث على الإجرام والإرهاب، أما الكيل بمكيالين من قبل الدوائر الأمنية الغربية واتهام الإسلام بالإرهاب من دون باقي الأديان فهذه عقدة وحجة واهية يجب على الغرب تجاوزها وفتح آفاق التعاون مع الدول المعتدلة والشعوب التي تضررت من الإرهاب أياً كان مصدره ومحاربته وتجفيف منابعه. والحقيقة التي يجب أن يعيها الجميع أن الإرهاب الذي يضرب العالم هو ليس إرهاباً دينياً بل هو إرهاب دولي وهو عبارة عن تنظيمات ومليشيات اتخذت من الدين متكئاً وغطاء. وعليه بات على المجتمع الدولي محاصرة الدول والأنظمة التي ترعى الإرهاب وفضحها واستئصالها من المجتمع الدولي، ولن يقضى على الإرهاب بتحميل الأديان والمذاهب وزر المسيئين وغض الطرف عن حواضنه والاكتفاء فقط بملاحقة المجاميع والأفراد التي تمارس الإرهاب و تنتشر هنا وهناك دون الوصول إلى الداعم والحاضن والممول والمستفيد..وإلا فإن المعركة طويلة جداً والخسائر تفوق التخمين.