سيسجل العام الحالي 2016 بأنه عام سيادة القانون بامتياز في البحرين، فهو العام الذي فشلت فيه كل محاولات تجاوز القانون، والتطاول على الدستور باسم الحريات المدنية وحقوق الإنسان ومطالبات الإصلاح السياسي. مضى على سيادة القانون في البحرين 15 عاماً، تفاوتت فيه قيم الأفراد وقناعاتهم تجاه هذا المبدأ الديمقراطي، فمنهم من كفر به، ومنهم من آمن به، ومنهم من تلاعب به، تلك الأنواع الثلاثة تمثل تعامل البحرينيين بسيادة القانون، وهي معلومة ليست بجديدة. إلا أن المهم أن تجربة سيادة القانون علمتنا الكثير، والدرس الرئيس هو أن هذه السيادة لا تتحقق في يوم أو ليلة، ولا يكفي إصدار القوانين أو الأدوات القانونية بمختلف أشكالها حتى تتحقق سيادة القانون، لأنها عملية مستمرة من حيث إصدار التشريعات وتعديلها وتطويرها، ولا يمكن أن تتوقف في يوم من الأيام. بالمقابل فإنها تتطلب تطويراً ثقافياً من قبل الأفراد الذين يفترض أن تتطور قناعاتهم تجاه مبدأ سيادة القانون، فليس منطقياً أن تظل قناعة الأفراد بهذا المبدأ الآن نفسها كما كانت قبل 15 عاماً، القناعة بالمساءلة القانونية، وأن القانون فوق الجميع دائماً مطلوبة. مثل هذا المبدأ يمكن تبسيطه كثيراً وترسيخه في أذهان الأفراد منذ المراحل الدراسية المبكرة حتى تظهر أجيال من البحرينيين لديها معرفة واضحة وقناعة كاملة بسيادة القانون. حينها فإن أي دعوات لزعزعة الأمن والاستقرار، أو ممارسة الإرهاب، أو تجاوز القانون حتى باسم الدين سيكون مصيرها الفشل، بل سيكون الشعب هو أول من يحارب متجاوزيها، وإن كانوا من رجال الدين أو السياسيين. الدولة المدنية البحرينية، والملكية الدستورية البحرينية التي بناها المشروع الإصلاحي منذ 15 عاماً عانت من تزييف المفاهيم، وخداع الجماهير من قبل بعض الساسة ورجال الدين، فحرِّم جمع المال الديني تحت مظلة القانون، وحرِّم التجمع السياسي تحت مظلة القانون، وحرِّمت تشريعات باسم الدين مثل قانون أحكام الأسرة، وحرِّم على أئمة المساجد والمؤذنين استلام رواتب من الدولة في الوقت الذي بات استلام مبالغ من الدولة للجمعيات السياسية مشروعاً دينياً. كل هذه المفاهيم الخاطئة والسلبية تم حشو أذهان الجماهير بها بعيداً عن فكرة سيادة القانون لتحقيق أجندات خاصة اعتبرت أيضاً أجندة وطنية. الحال التي نمر بها منذ مطلع رمضان الأخير، هي مرحلة تصحيح مهمة تستحق الدعم والاستمرار لتعديل مسارات العمل السياسي بعد أن اختلطت المفاهيم، وكثرت الأجندات الداخلية والخارجية مع تدخلات أجنبية صريحة في شؤون البحرين. وليست تلك نهاية المرحلة، بل بداية لإجراءات أكثر لضمان سيادة القانون.