بأسلوب مشبع بالتحريض تبادل البعض مؤخراً تقريراً ممتلئاً بالتحريض نشرته إحدى المواقع الإلكترونية التي يرتكز عملها على التحريض اتهمت فيه هذه الصحيفة بالتحريض ضد من خطب وأم المصلين في جامع الدراز الجمعة الفائتة. ملخص التقرير أن «الوطن» اعتبرت من اعتلى منبر ذلك الجامع متجاوزاً للقانون ولأنظمة الدولة لأنه ألقى خطبة سياسية ولم يكترث بقرار المنع من الخطابة وأصر على تسييس المنبر الديني الذي يمنع القانون توظيفه لتحقيق مآرب سياسية، وأن هذا يعني أن هذه الصحيفة حرضت ضد شخص بعينه كانت الحكومة قد منعته من الخطابة والإمامة لعدة أسابيع، وهو خلط واضح بين عمل ودور الصحافة والتحريض ضد الأشخاص والمؤسسات.ما فعلته «الوطن» ليس فيه لبس ولا تجاوز لدورها ولا تحريض، وكان يمكن لأي صحيفة أن تنتقد تلك الصورة التي انتبهت لها ووجدت أن فيها خطأ يمكن أن يرقى إلى خبر، فعندما يتم توقيف خطيب عن الخطابة لسبب معين ثم يعود إلى ممارسة الأمر نفسه - أياً كان ذلك السبب والأمر – فإن الطبيعي هو القول إن هناك خطأً يستحق لفت الانتباه إليه. هذا بالضبط ما قامت به «الوطن» وهو حقها، وواجب ينبغي أن تقوم به الصحافة لأنه يدخل في صميم العمل الصحافي. لم يكن في ذلك تحريضاً، خصوصاً وأن الحكومة رأت وسمعت كل ما قاله الخطيب، والمصلون والمغردون على مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا ما قاله وتبينوا التناقض الذي حصل والمتمثل في الإصرار على ممارسة الأمر نفسه الذي منع من ممارسته من قبل وأدى إلى توقيفه عن الخطابة لفترة معينة. آخرون في الداخل والخارج هم الذين يقومون بالتحريض، ليس أولهم أولئك الذين اختاروا البقاء في الخارج ويدركون أنهم وأبناؤهم في مأمن، وليس آخرهم تلك الفضائيات «السوسة» وعلى رأسها فضائية «العالم» الإيرانية التي أوجدت لتقوم بهذا العمل على مدار الساعة، ومن تابع في اليومين الماضيين برنامج «حديث البحرين» المخصص للإساءة إلى القيادة والحكومة لا بد أنه لاحظ كيف سعت تلك الفضائية إلى الاستفادة من ذلك التقرير الذي نشره ذلك الموقع الإلكتروني وتضمن ذلك الخبر الذي نشرته «الوطن» عن مخالفة إمام وخطيب الجامع المذكور لشروط الخطابة، وكيف أنها سعت إلى تحويله إلى أداة تحريض ضد هذه الصحيفة وضد من اعتبرته جهة تابعة له وللحكومة ولمملكة البحرين. ما تقوم به هذه الفضائية «السوسة» والفضائيات الأخرى التي تمول «شاهر ضاهر» من إيران هو التحريض، وما يقوم به أولئك المطمئنون على عيالهم المقيمين معهم في الخارج ويشاركونهم الاستمتاع بالأجواء الأوروبية هو التحريض، وليس ما قامت به هذه الصحيفة أو تلك من التي يعتبرونها موالية، فتنبيهها لخطأ معين هو ممارسة لدور لو تأخرت عنه تكون قد قصرت في عملها الذي هو عمل أي صحيفة تقدم مصلحة الوطن على كل شيء.ما ينبغي أن ينتبه إليه ذلك البعض وكل بعض يعتبر نفسه «معارضة» هو أن هذا الأسلوب التحريضي والذي يعتمد على التهويل والمبالغة هو أحد الأسباب المعيقة للوصول إلى حل المشكلة، وإلا فإن الخبر موضوع الحديث هنا ليس تحريضاً ولم يكتب بنية التحريض، أياً كان كاتبه، ولكنه عمل صحافي بحت، كما إنه لا يستحق كل هذه الضجة التي أثيرت حوله. ليس بهذا الأسلوب يمكن حل المشكلة، وليس بالعناد وتحدي الدولة والإصرار على مخالفة القانون يمكن حلها. طريق الحل معروف وواضح، أوله وثانيه توقف كل المحرضين في الداخل والخارج عن التحريض، وثالثه فك الارتباط بمن يستفيد من التحريض ويحض عليه ولا يستطيع أن يحقق أهدافه إلا من خلاله.