الرأي

كانو الرياضة والتربية

خرازيات






جاء المرحوم عبدالرحمن كانو إلى رئاسة النادي الأهلي بعد العديد من الإرهاصات التي تتابعت ليتبوأ أحسن المناصب في تاريخ هذا النادي العتيد، ولأنه الرجل المناسب في المنصب اللائق به، زاد هذا المنصب هيبة ووقاراً، والذين عاصروه يعلمون أن من أهم مناهجه في العمل الإداري هو الهدوء والرزانة ولا يميل إلى الثرثرة الكلامية بقدر ميله إلى العمل الجاد والمخلص.
لم يكن هناك رئيس عاصر هذا المنصب على مدى «73 سنة» من تأسيس النادي الأهلي ملأ الفراغ الذي تركه صاحب هذه الذكرى الحسنة والطيبة، لأنه كان يداوم في النادي صباح مساء ويتفقد فيه كل شيء، ومن شدة تواضعه وإخلاصه إلى القلعة الصفراء أنه كان يسقي الزرع بيده ويفتح صنبور المياه، حتى إن الإداريين والموظفين الذين يحضرون في الصباح يشعرون بالخجل الشديد من رجل على هذه الدرجة الكبيرة من التواضع يقوم بأعمال العمال ويأتي قبلهم إلى مقر النادي ويفتحه بيده.
وحين تأتي المناسبات الوطنية تجده أول الواقفين يستقبل الضيوف وزوار النادي ويقدم إليهم الزهور وباقات الحب، وكثيراً ما يقول أنا ممثل كل الأهلاوية وهم أبنائي إن تأخروا أنا من يسد فراغهم.
هذا الرجل جعل النادي الأهلي متماسكاً، لا فرق بين الألوان في نظره ولا المقامات ولا حتى الدرجات الاجتماعية، الكل سواء، وهو الرئيس الوحيد الذي فازت في ظله فرق كرة القدم والسلة واليد والطائرة وكرة الطاولة وألعاب القوى «بتسع بطولات» في موسم واحد، وغيره من بعض الرؤساء يخشون أن تفوز فرقهم بالبطولات ويتورطون في تكريمهم، لكن هذا الرجل كان يحث اللاعبين على تحقيق البطولات ويقول لهم: حققوا لناديكم البطولات ولا تفكروا في التكريم المادي ورقبتي لكم سدادة.
وإذا كان المرحوم عبدالرحمن كانو قد ضرب الرقم القياسي في عدد البطولات أيام رئاسته للنادي الأهلي لم يصل إليه حتى اليوم أي رئيس آخر، فإنه بجانب تأسيس الأخلاق الرياضية والتنافسية الشريفة زرع في قلب النادي الأهلي «مدرسة كانو» على نفقته الخاصة، أي أنه جمع الرياضة والتعليم تحت سقف واحد، وإلى جانب هذا وذاك حافظ على المنهج الإسلامي بتشييد مكان للصلاة ومسجد طهور، وهل استطاع من ترأس قبله ومن جاء بعده أن يحقق شيئاً يقاس بما حققه المرحوم عبدالرحمن جاسم كانو؟
إن الحياة مليئة بالعبر والتضحيات، والتاريخ هو من يحافظ عليها ونحن جزء من هذا التاريخ، والواجب يحتم علينا أن نقدم الرموز الرياضيين بما يليق بهم وبتضحياتهم في سبيل المصلحة العامة، والهدف إحقاق الحق للسابقين واللاحقين.
رحم الله عبدالرحمن كانو وأبقاه في قلوبنا رمزاً تربوياً ورياضياً لا يتزحزح.