الأسبوع الماضي تشرفت بالمشاركة في فعالية «قادة المستقبل» كأحد المتحدثين في ورشة عمل «الإبداع والتجديد في الإدارة». الفعالية نظمت بشكل رائع من قبل جمعية «ذخر البحرين» وبالتعاون مع وزارة العمل وأقيمت في بيوت الشباب بمدينة عيسى. الجميل في مثل هذه الفعاليات التي تقوم بها هذه الجمعية النشطة أنها موجهة بشكل مباشر للشباب، تعنى بهم وتهتم بصقل مهاراتهم بهدف إعدادهم للمستقبل. وإن كان من عتب أوجهه، فأوجهه هنا لوزارة الشباب والرياضة، فبالرغم من التسهيلات التي قدمت لإقامة هذا المعسكر وتوفيرها بيوت الشباب، إلا أنني وبملاحظة شخصية في يوم الافتتاح تساءلت باستغراب عن عدم وجود ممثل عن الوزارة، خاصة وأن الوزارة طالعتنا في السنوات الأخيرة بكوكبة رائعة من الأنشطة والفعاليات الرفيعة المرموقة المعنية بالشباب وإعدادهم وصقلهم، حتى وصلت لمرحلة كنت أقول فيها بتندر أن الوزارة تركز على الشباب بشكل أكبر من تركيزها على الرياضة، والشق الأخير جانب رئيس من عملها نحن بحاجة كبيرة لتقويته وتعزيزه. لذا العتب واجب هنا، فلا أتخيل فعالية شبابية تخلو من وجود للوزارة، وهي التي عودتنا على مبادراتها المميزة وحضورها القوي في كل شأن له علاقة بالحركة الشبابية في البحرين، وعسى أن تكون المسألة مرتبطة بظروف قاهرة، ولهم العذر. في جانب آخر واجب توجيه تحية وتقدير لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية على دعمهم المعسكر، وحضورهم الرفيع في الافتتاح يتقدمهم الوزير جميل حميدان، والأخير أتحف الحضور الشاب بكلمة ارتجالية رائعة فيها عصارة من خبرته الإدارية ونصائح هامة موجهة للشباب. الأجمل من ذلك كله هم كوكبة الشباب المشاركين، رغم أن فعاليات المعسكر كانت في فترة ما بعد الدوام وفي إجازة نهاية الأسبوع، إلا أن الذي يشدك هو مستوى الاهتمام والحرص لدى هؤلاء الشباب، والرغبة الجامحة للاستفادة من الخبرات التي شاركت كمتحدثين أو في ورش العمل، وفوق كل ذلك نوعية الأسئلة المطروحة والمشاركات القيمة من قبلهم، والتي تكشف لنا وجود جيل شاب طموح لديه من الوعي الشيء الكثير، والأهم لديه حافز يحركه يتمثل في حب خدمة الوطن. أسجل نقطة إيجابية هناك لجمعية «ذخر البحرين» والشباب المشاركين، تتمثل بوجود ثقافة التقدير كعامل متأصل فيهم، إذ وسط حماسهم واندفاعهم لم ينسوا توجيه الشكر والعرفان لكل جهة ساندتهم وشدت من أزرهم، وزارة العمل ووزارة الشباب والرياضة، والمتحدثين الذي ساهموا بشكل مجاني في نقل خبراتهم، والأهم تحيتهم لاهتمام أمير الشباب سمو الشيخ ناصر بن حمد الذي يرفع راية الشباب بقوة إيماناً منه بأنهم عماد المستقبل وأنهم الطاقة المتجددة لتطوير الوطن. في ورشتنا بشأن الإدارة والتجديد وطرائق الإبداع، لمست وجود نوع من التخوف لدى الشباب، تخوف يتوجب على الدولة العمل على إزالته وإبداله بحالة من الطموح والتنافسية.الشباب لديهم قناعة بأهمية تطوير ذواتهم، لديهم طموح للتقدم والتطور، لكن التخوف مازال من الممارسات التقليدية التي ترسخت في بعض القطاعات، والتي تعمد بعضها على تهميشهم و«تكسير مجاديفهم»، وربط القيادة بعامل السن فقط. الخوف من أن يتعب الشاب على نفسه وأن يطور من قدراته ومهاراته، لكن رغم ذلك لا يجد المساحة التي يوظف فيها إمكانياته ليترجمها في خدمة الوطن. حينما نرفع شعارا ًمثل «قادة المستقبل» لابد وأن نعمل جاهدين على تطبيقه. النسبة الغالبة في التركيبة السكانية بالبحرين هي من فئة الشباب، هذا واقع معروف، لكن مقابله لا يجوز حرمان الشباب من فرص الترقي وحمل المسؤولية. ندرك تماماً أن القيادة تركز بشكل واضح مؤخراً على الشباب وترى فيهم المستقبل، ونحن نشد على يدها في هذا الجانب، لكن ما نطلبه هو المزيد من عمليات تمكين الشباب وإعدادهم بشكل احترافي صحيح، بحيث نستخلص منهم المميزين والكفاءات تمهيدا لمنحهم الثقة وتوليتهم المسئوليات. لدينا تجارب دول قريبة بات رهانها اليوم على الشباب القادر على خدمة الوطن، الشباب الذين يمكن الاعتماد عليهم وتحويلهم إلى قادة، ونحن نقول بأن البحرين ليست أقل من غيرها، بل على العكس هي متفوقة من خلال الكوكبة الموجودة والأعداد الكبيرة للكفاءات الموجودة.تبقى العملية مرتبطة بالبحث عنهم وإعدادهم وصناعتهم ليكونوا قادة تعتمد عليها البحرين في الحاضر والمستقبل.
Opinion
البحرين وصناعة «قادة للمستقبل»
21 يوليو 2016