حتى أوروبا التي هي مقصد للسياح الخليجيين وطبعاً العالم لم تسلم من «الإرهاب». من كان يظن اليوم أن «الشانزليزيه» في فرنسا قد يكون التواجد فيه محفوفاً بالخطورة، أو «الهايد بارك» في قلب لندن، أو في ألمانيا البلد التي لا تضيع وقتاً يلهيها عن التقدم والصناعة. لا أحد اليوم يمكنه أن يأمن على نفسه في الخارج، إن كنت سائحاً عليك أن تقلق، وإن كنت مسافراً لربما تكون ذاهباً لمصير أسود. ولذلك نقول بأن نعمة الأمن في الأوطان هي أساس كل النعم، حينما تحيا في بلد آمن، تسيطر فيه الدولة على مقدرات الأمن، وتستبق فيه أجهزة الأمن تحركات الإرهابيين، ويطبق فيه القانون بلا تردد، فإنك في «نعمة حقيقية». لا يعرف نعمة الأمن إلا من فقدها، ولذلك اسألوا العراقيين الذين ضيعت الولايات المتحدة الأمريكية بلادهم بحجة أنها ستنقذهم من صدام حسين، وفي النهاية لم يجدوا أياً من أسلحة الدمار الشامل المزعومة، وقاموا بقتل الرئيس العراقي، ومن ثم نهب خيرات العراق، وبعدها تركوا الدولة العربية ممزقة الأوصال وسلموها لإيران لتديرها بالوكالة، ليضيع الشعب العراقي بعدها للأبد، ولتجد أن أكثر العراقيين أمناً، هم الذين يعيشون خارج بلادهم. ضاع الأمن في سوريا، وها هم ملايين السوريين يعيشون خارج بلادهم، وسط مخيمات ومعاناة ورفض من الدول استقبالهم، وبصراحة أي دولة تريد أن يكون عليها عبء استضافة شعوب أخرى في وقت هي مطالبة بأن تدير مصالح شعبها وتوفر له الحياة الكريمة؟!وقبلها اسألوا عن أهل فلسطين المحتلة، وكيف أنهم يعيشون بلا أمان تحت وطأة وسطوة عدو محتل. من يفقد الأمن فهو يفقد الدنيا كلها بما فيها، لا طعم للحياة لديه، لأنه أصلاً لا يضمن إن عاش اليوم بأن سيعيش غداً. لذلك يصدق المثل القائل بأنك لا تدرك حجم النعم التي أنت فيها وتتنعم بها يومياً، إلا حينما تفقدها، وتبحث عنها فلا تجدها، حينها تحن للماضي حتى وإن كان فيه نوع من المعاناة أو الضيم. اليوم بات الإرهاب صناعة عالمية، مكانه ليس محدداً بالمناطق المتوترة، بل هو يضرب اليوم العواصم الأوروبية المتقدمة ديمقراطياً واجتماعياً ومعيشياً، انتقلت الفوضى المراد لها أن تشيع في منطقتنا وبلادنا لتضرب بلاد الغرب، وكأنها ارتداد منطقي لبعض الدول التي رأت بأن فرض قوتها وسطوتها يتأتى بإشغال الآخرين في أنفسهم وبإشعال بلادهم بالفوضى. مصدر الإرهاب العالمي واضح جداً، لكن هناك من يكابر. حينما قلنا بأن إيران هي مصدر الشرور في منطقة الشرق الأوسط، خرجت أمريكا وبعض دول الغرب لترد على هذا الكلام، رأت في إيران حليفاً يمكن ائتمانه، لدرجة إبرام اتفاق نووي بين طهران وبين ما تسميها هي «الشيطان الأكبر»، وفي النهاية كانت النتيجة مزيداً من التهديدات لدول الخليج العربي تتقدمها البحرين والسعودية، وكانت النتيجة مزيداً من القتل والمجازر في سوريا، ومزيداً من الإجرام غير المسبوق في الأحواز العربية، ومزيداً من الفوضى في العراق. والمفارقة بأن أمريكا التي تدعي أنها على رأس المحاربين للتنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«القاعدة»، تعرف قبل غيرها بأن عديداً من قادة «القاعدة» موجودون في إيران، نعم هم هناك في الدولة التي تمتلك مشروعاً صفوياً تشيعياً للعالم، رغم أنهم يمثلون جناحاً متطرفاً تكفيرياً للسنة، فكيف يجتمع الأضداد يا ترى؟!حينما قال كثيرون بأن «داعش» صناعة أمريكية إيرانية استهان كثيرون بهذا الكلام، وبينوا بأن واشنطن تقود حرباً على داعش والقاعدة، كما يصور إعلامها، وأن إيران تقود حرباً عليهم أيضاً، كما يصور إعلامهم، في مقابل ذلك لم نرَ صوراً لقتلى داعش ولا شخصيات مقبوض عليها، إضافة إلى أن داعش لم تهاجم حتى اليوم هدفاً إيرانياً واحداً وطبعاً لم تمس هدفاً إسرائيلياً واحداً. لربما سيأتي يوم نرى الولايات المتحدة الأمريكية تقاد من قبل رجل لا يتفق عليه اثنان عاقلان، دونالد ترامب المثير للجدل والذي يرى فيه بعض الأمريكان «كابوساً» قادماً، في حين أن بعضهم بات يمضي للاقتناع بما يورده من معلومات وبما يعد به من سياسات لإصلاح الداخل الأمريكي. خذوا الكلام من ترامب، الذي واضح أنه في سبيل سعيه لدخول البيت الأبيض يمكنه بسهولة حرق الإدارة الأمريكية الحالية وكشف مخططاتها وسياساتها السابق. الملياردير الأمريكي يؤكد ويجزم بأن «داعش» صناعة أمريكية، عرابتها هيلاري كلينتون بتوجيهات من باراك أوباما، في حين أن هناك تريليونات من الدولارات أنفقتها الإدارة الأمريكية لضرب استقرار الشرق الأوسط وصناعة ودعم ما أسمته بـ«الربيع العربي»، ونتيجة لذلك فإن الداخل الأمريكي من ناحية مستوى المواطن ومعيشته والخدمات المقدمة له «متردٍّ» وينذر بالقلق. وبالفعل، سياسات الإدارة الأمريكية بهدف الاستحواذ على أمن دولنا، أنتجت ضياعاً للأمن الأمريكي، وقلقاً للمواطن الأمريكي، هناك في «بلاد الأحلام» نوع من الإرهاب المغاير لما صدروه لنا، هناك إرهاب للناس في مصائرهم وحياتهم معيشتهم. صناع الإرهاب العالمي معروفون، والفوضى وصلت لتضرب الغرب نفسه، ووسط كل ذلك نقول بأن الحمد لله على نعمة الأمن في البحرين، وشكراً للجهود المخلصة للأجهزة الأمنية التي مازالت حافظة لأمن الوطن والمواطنين.