الإرهاب الحديث إرهاب ماكر وخبيث، يحاول أن يجند الشباب ويغرر بهم بشتى الطرق والوسائل الشيطانية، مستفيداً من التقنيات الحديثة، محاولاً التوغل عبر العوالم الافتراضية، ابتداء من تنظيم القاعدة الذي سعى منذ نشأته لاستغلال الإنترنت أسوأ استغلال، وخصص لذلك جناحاً خاصاً من كوادره، وتمويلاً خاصاً، وأطلق على هذا النشاط مسمى الإعلام الجهادي الإلكتروني، واعتبر ممارسته مرابطة على الثغور، واعتبر ممارسي هذا النشاط بالجنود الأخفياء، في دلالة واضحة على مدى أهمية هذا العمل لدى التنظيم.وقام بنشر مئات الإصدارات المكتوبة والمسموعة والمرئية عبر الفضاء الإلكتروني، كما أنشأ المنتديات الجهادية وقام باستغلال برامج المحادثات والدردشة وغيرها، والتي فتكت بكثير من العقول، ونشرت الأفكار المتطرفة المخالفة لتعاليم الإسلام جملة وتفصيلاً، وانتهاء بتنظيم داعش الذي يكمل السير في هذا الطريق المظلم للإغواء والتضليل والإفساد في الأرض.ومن وسائل داعش التي أصبحنا نسمع عنها استغلال الألعاب الإلكترونية، وخاصة الألعاب الحربية القتالية الأكثر شهرة على مستوى العالم، بإعادة تصميم أجزائها، وتضمينها تعديلات برمجية لإضافة الصور والأصوات التي تروج لداعش وتمرر أجنداتها، وتنشر الأناشيد الداعشية التي تدعو للعنف والإرهاب، ليخلقوا بذلك جنوداً موالين لهم في العالم الافتراضي.ويحبذوا الشباب في أفكارهم عبر خوض المغامرات القتالية في هذه الألعاب الداعشية، والتي ينبغي الحذر منها أشد التحذير.ومن وسائل داعش أيضاً في هذا الباب محاولة تجنيد الأطفال والشباب عبر الألعاب الجماعية التي تمارس على الإنترنت وتشتمل على خصائص التواصل والمحادثة والدردشة، حيث يحاول الداعشي أن يندس في هذه الألعاب للتواصل مع الأطفال والتغرير بهم وغسل أدمغتهم وتوجيههم نحو أفكاره المتطرفة، فبينما يمارس الطفل أو الشاب هذه اللعبة الجماعية إذا بالداعشي يتسلل إليه.ويستدرجه شيئاً فشيئاً عبر خاصية المحادثة والدردشة إلى عالمه الأسود، كما أن التنظيمات الإرهابية تحاول استغلال هذه الألعاب للتواصل بين أعضائها، وممارسة التخطيط والتواصل عبر خوض المعارك الافتراضية فيما بينها في هذه الألعاب فراراً من المراقبة. كل ذلك يحتم على الآباء والأمهات أن يتابعوا أنشطة أبنائهم على الأجهزة الذكية، وأن يكونوا على دراية تامة بنوعية الألعاب التي يلعبونها، ومدى سلامتها بالنسبة لعقولهم وأفكارهم وسلوكهم، ليكونوا بمأمن عن أي انحراف، وخاصة الانحرافات الفكرية المتطرفة التي تلحق أشد الأضرار بالأفراد والمجتمعات والدول، وكم من أبناء انجرفوا ووقعوا في هاوية الإرهاب نتيجة إهمال الأسرة لهم في هذا الباب، دون أي رقابة أو متابعة أو توجيه، حتى وقعوا ضحايا للمتطرفين الذين يبحثون عن الفرائس بنهم شديد كالوحوش ليفتكوا بها وينالوا منها.وقد قال الله تعالى موصياً نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم: «وأنذر عشيرتك الأقربين»، وقال سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً»، وفي الحديث الشريف: «كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته» قال عليه السلام: «والرجل في أهله راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها»، وليعلم الآباء أن وسائل التجنيد في العصر الحديث أصبحت أكثر خفاء ومكراً. ولا تنحصر في الطرق المباشرة، فالداعشي لن يطرق باب المنزل ليستأذن في الدخول ليغتال عقول أفراد الأسرة، بل يتسلل إليهم بالطرق الخفية الماكرة، وخاصة عبر التقنيات الحديثة ووسائل التواصل وأشباهها، وقد قيل قديماً في الأمثال: «من مأمنه يُؤتى الحذر»، أي أن الخطر قد يأتي للإنسان من حيث لا يتوقع، بل قد يأتيه من الموضع الذي يأمنه.فقد يظن بعض الآباء أن هذه الألعاب مهما كانت فهي تحقق التسلية للأبناء، وتحفظهم من رفقاء السوء والمنحرفين، فيتركهم دون أي متابعة، ولا يهتم بمحتويات هذه الألعاب أهي نافعة مفيدة أم ضارة مهلكة، وإذا بالخطر يأتي الأبناء من حيث لم يحتسب الأب، وإذا بالمتطرفين يغزون عقولهم على حين غرة منه، وقد لا ينفع الندم حينئذ، مما يحتم علينا ألا نتساهل في أي شيء يشكل خطراً على أبنائنا وبناتنا، ويهدد سلامتهم، وأن نكون خير عون لهم في الوقاية من الأخطار والمهددات. كما أن على أبنائنا الكرام أن يحذروا كل الحذر من أي لعبة دخيلة تروج للإرهاب الداعشي، وأن يحذروا من المحادثات المريبة في ألعاب الإنترنت التي تهدف إلى استدراجهم إلى مستنقع الأفكار المتطرفة وإلى سلوكيات العنف والإجرام، وأن يحذروا من أصحاب الأفكار المتطرفة والمتشددة في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها.وأن يعلموا تماماً أنهم مستهدفون من قبل أعداء الدين والوطن، وأنهم هدف للتنظيمات الإرهابية التي تريد هدم المجتمعات وتدمير شبابها، فعليهم أن يحفظوا أنفسهم، ويصونوا عقولهم، ويكونوا على قدر المسؤولية والوعي، فهم معقد الآمال لدولهم ومجتمعاتهم، نسأل الله أن يحفظ أولادنا جميعاً من كل سوء وأن يجعلهم قرة عين لوالديهم ومجتمعهم ووطنهم. وإننا موقنون تماماً أن تنظيم داعش إلى زوال، وأن مخططاتها الإجرامية مهما بلغت مكراً وغدراً فستندحر، وأن ما تحمله التنظيمات الإرهابية من أفكار فهي مرفوضة عند أصحاب العقول والفطر، وما بني على باطل فهو زائل، «والله لا يهدي القوم الظالمين».عن البيان الإماراتية
Opinion
ألعاب داعش الإلكترونية
24 يوليو 2016