لم تعد التحالفات العربية في شكلها القديم تنفع للمرحلة القادمة على الإطلاق، فالمتغيرات المتسارعة التي تمر بها أوطاننا العربية وما يعتري الإقليم من اهتزازات سياسية وعسكرية قوية، تحتم على العرب إن أرادوا أن يتصدروا المشهد السياسي والسيادي في المنطقة أن يغيروا من استراتيجياتهم المتعلقة بأنظمة الحكم وكذلك بعلاقاتهم الخارجية، سواء من خلال اختيار حلفاء جدد أو إبرام علاقات لها وزنها الكبير لتواجه كل تحديات الحاضر والمستقبل.فالجامعة العربية إضافة لمجلس التعاون الخليجي وغيرهما من التحالفات الحاضرة ربما لا تنفع ومن خلال صياغتها الحالية التي لم يمسها أي تغيير يُذكر في مواجهة التحديات، فخارطة مجلس التعاون ناهز عمرها الـ 35 عاماً وهي مازالت على ما هي عليه، بينما لو تتبعنا التغيرات التي طرأت على المنطقة وحجم التحديات التي يواجهها المجلس لوجدنا أن هنالك بوناً شاسعاً بين الواقع والتاريخ، ولهذا سيكون العمل بنظام المجلس الذي بني هيكله قبل أكثر من ثلاثة عقود ونصف لايمكن له أن يستوعب حجم كل المتغيرات، ولهذا يجب إعادة صياغة مجلس التعاون الخليجي بشكل يلبي الطموح وأكثر. كذلك الحال ينسحب على جامعة الدول العربية التي ربما أصابها الصدأ بسبب عدم مواكبتها مجريات الأحداث الخطيرة والمتسارعة في الوطن العربي، وكذلك هذا الأمر ينمّ عن غياب تام للجامعة فيما يخص عملية تطويرها لتنسجم وحجم كل التحديات.ليس من المعيب أن نطرح مواقع الفراغات الهيكلية والمعيبة التي تتعلق بسياسة المجلس أو الجامعة العربية، بل العيب هو معرفتنا بالنقص والعجز ومع ذلك نفضِّل الصمت على أن نقوم بعملية تطوير تحالفاتنا العربية، ولهذا يجب أن ندعوا لتغيير الكثير من بنود وسياسات هذه التحالفات بصورة جريئة جداً، ففي الأزمات لا مجال ولا وقت للنفاق والمجاملة، فسقوط أي تحالفات عربية يعني أننا أمام مأزق تاريخي وأخلاقي يجب الخروج منه دون أضرار، ولهذا من يرفض تطوير الجامعة العربية أو حتى مجلس التعاون الخليجي فإنه يقف في صف التحديات التي يمكن أن نضيفها وليس في وجهها، ولهذا لا يجب السماع في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العرب إلى الأصوات التي تتبنى الجمود المعاكس للتطوير أو إغراق الإعلام العربي بالنفاق السياسي، فهذه الأمور المتخلِّفة في عصر المعلومة والتكتلات القوية لا تصنع دولاً لها سيادتها الخاصة والقوية، بل تصنع دولاً هجينة ومتورطة وذليلة، وهذا ما يجب أن نحذر منه، وعليه ندعوا إلى بناء كيانات عربية مختلفة لما قبل الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم وإلا سنظل في ذيل العالم.