فضلاً عن الضمانات القانونية، توجد ضمانات أخرى قررتها محاكم مجلس الدولة المختلفة سواء في فرنسا أو في مصر منذ تأسيسها. وأصبحت مبادئ عامة تطبق على منازعات الإدارة مع المتعاقدين معها.ومن أهم تلك المبادئ؛ أن الهدف الأساسي من علاقة التعاقد بين جهة الإدارة والمتعاقد معها هو كفالة حسن سير المرافق العامة، وأن ينظر إلى المتعاقد مع الإدارة على أنه يساهم اختيارياً في سبيل تحقيق المصلحة العامة، وأنه معاون ومعاضد لجهة الإدارة الأمر الذي يستلزم قيام نوع من الثقة المتبادلة بينهما وحسن النية، والتفاهم للتغلب على ما يعترض تنفيذ العقد من صعوبات، ما يجعل الإدارة تطمئن إلى حسن التنفيذ، وفي ذات الوقت يطمئن المتعاقد معها إلى أنه سيحصل على حقوقه المالية كاملة.ولذلك ينبغي ألا يتم النظر إلى المتعاقد مع الإدارة بأنه صاحب مصلحة متعارضة مع مصلحة الدولة لمجرد أنه يبغي من تعاقده الربح، إذ إن هذا حقه الذي لا ينازع فيه، وهو لا ينقلب إلى صاحب مصلحة متعارضة مع مصلحة الدولة إلا منذ اللحظة التي يتنكب سبل الأمانة، أو يحاول الحصول على ربح غير مشروع، أو يسرف في طلب الربح ويشتط فيه على حساب المصلحة العامة. بل ينبغي أن ينظر له بأنه معاضد ومساند ومعاون للإدارة في تنفيذ العقد المبرم بينهما على أحسن وجه تحقيقاً للمصلحة العامة.وبالبناء على ما تقدم؛ كان القضاء الإداري الفرنسي و المصري دائم النظر إلى موضوع النزاع المتعلق بأي من المرافق العامة نظرة ثاقبة وفاحصة مرتكزة على قواعد القانون الإداري في المحافظة على حسن سير المرفق العام وفي ذات الوقت مراعاة مصلحة المتعاقد الخاصة. ومن ثم إجراء التوازن بين مصالح الإدارة ومصالح المتعاقد معها تحقيقاً للهدف الأسمى وهو الوصول إلى المصلحة العامة التي ينشدها الطرفين في الواقع.واستقر كل من مجلس الدولة الفرنسي والمصري -قضاءً وإفتاء- على العديد من المبادئ التي تحقق التوازن بين جهة الإدارة والمتعاقد معها وهما طرفا العلاقة التعاقدية، ذلك التوازن الذي هو في حقيقته يمثل ضمانة حقيقية للمتعاقد مع الإدارة كطرف ضعيف حسب النظرية التقليدية.وسنعرض تباعاً لأهم المبادئ التي أرساها مجلس الدولة المصري بشأن ذلك.........يتبع.
Opinion
الضمانات القضائية المقررة للمتعاقد مع الإدارة
27 يوليو 2016