لم أختبر الشعور بالشهرة. أنا أنتمي إلى شباب الكتاب الذين لا مجد لهم ولا منبر، ولا منصة، سوى جدار افتراضي على فيسبوك أو تويتر، يحبّون ويفارقون عليه، يغضبون ويشجبون ويعترضون عليه، يتعبون فيهدؤون ويسندون ظهورهم إليه أيضاً! نحن جيل كتاب يحدث الجدار. ويبلغ الرضا الكامل عندما تتجاوز علامات الـ LIKE عليه حدود الخمسين، أو المائة، كل حسب طموحه!عندما أخبرني أحدهم، أن ثمة حساب مزيف باسمي على فيسبوك، شعرت بالزهو، رغم إبدائي امتعاضاً من استخدام اسمي، إلا أنني كنت أخفي بداخلي شعوراً مباغتاً بالأهمية. صرت أحدث نفسي هكذا: مادام اللص سيسرق هوية، لو أنه ادعى إنه قاسم حداد، أليس أفضل؟ لكان ما حظي به يستحق كل هذا العناء. يعني، صحيح أن محمود درويش، لو أنه على قيد الحياة، لكانت هويته الأكثر إغراءً للسطو، لكنه، حتى وهو متوفى لامع متوهج، ويكفي اسمه لجمع الملايين من الأشخاص والمعجبين. لقد ترك هذا اللص قاسم حداد ومحمود درويش واختار رنوة! قلت لنفسي أن هذا اللص لص واعٍ، وهو يستثمر في طاقات الشباب، يسطو عليها وهي غضة بلا ثمن، فإذا نمت وأزهرت أصبح صيده ثميناً. عملت Report لإدارة الفيسبوك أن هذا الحساب ينتحل شخصيتي، ثم أعلنت، كما المشاهير، على جداري أن الحساب الذي يحمل اسم «الكاتبة البحرينية رنوة العمصي» لا يخصني، ولا أعرف من يديره. ونسيت الأمر.وحدث ذات أرق أن تفقدت الحساب المزيف بدون أي هدف، فوجدت من يديره ناشراً مواد مسيئة للوطن وللقيادة الرشيدة! هنا لم يعد الأمر مزحة تثير الضحك أو التندر. انتظرت الصباح بصبر الأمهات، ولست أماً ولا أعرف عن الصبر شيئاً، وهو إن رآني – أي الصبر- لن يتعرف عليّ، إذ لم نلتقِ من قبل، أظن أن تلك الليلة كانت تعارفنا الأول! قدمت شكوى في قسم الجرائم الإلكترونية مشفوعة بالأدلة، ثم نمت. استيقظت أخيرا وكتبت..صباح الخير أيها اللص.. المختبئ خلفي منّي.من فضلك، وقع اسمك أسفل كلماتك، أنا أحب الوطن علناً، وأنت تبغضه بغضاً مكتوماً، يوجعك، فينفلت منك متخفياً. ثم ابحث عن حيلة أخرى تسعف خيالك القزم. اجتهد قليلاً في اختياراتك يا هذا فأنا من فئة الكتاب ما دون الخمسين LIKE!واعلم أننا واقعاً شركاء في هذا البلد الجميل، لا ينجينا معاً سوى الحب، ولا يوقع بنا معاً سوى التباغض. المصير لا يقبل القسمة على اثنين، لن يتحذلق واحد فينجو لوحده. انظر حولك. أو تحسس، فأنت على الأرجح أعمى تماماً. أيها اللص.. إني أسامحك فيما أسأت لي، ولا أسامحك فيما أسأت باسمي للبحرين وقيادتها....سلام.
Opinion
صباح الخير أيها اللِّص!
28 يوليو 2016