القصة التي بدأت إيران ومن لف لفها في ترويجها مباشرة بعد إعلان حكومة البحرين اتخاذها قرارها الجريء بحسم الأمور بحزم بغية وضع نهاية للاستهتار الحاصل والمستمر منذ أكثر من خمس سنوات والتفرغ لمواصلة عملية البناء والارتقاء بالبحرين وبشعب البحرين هي أن مملكة البحرين وبإيعاز من المملكة العربية السعودية ومساندة دول أخرى إقليمية وعالمية – ومنها إسرائيل طبعاً – تريد إنهاء الوجود الشيعي في هذا البلد فتضرب بذلك عصفورين بحجر، حيث ضرب الشيعة يؤدي تلقائياً إلى إنهاء «المعارضة» وخروج البلاد من المشكلة التي صارت تؤرق الحكومة وتقلق تلك الدول. ليس معلوماً بعد كيف توصلت إيران ومن معها إلى هذا الاستنتاج الذي يصعب على غير متعاطي المخدرات التوصل إليه ولكنه بالتأكيد استنتاج مضحك وخاطئ ولا مقابل له في الواقع، إذ كيف للبحرين التي نصفها على الأقل شيعة أن تسعى إلى القضاء على الشيعة؟ وكيف لهذه الدولة التي يشارك الشيعة في حكومتها وفي قراراتها وتعتبر كثير من العائلات الشيعية العريقة مصدراً لقوتها أن تفكر – مجرد تفكير – في هذا الأمر؟ ثم هل يمكن فعلاً القضاء على الشيعة في البحرين؟ وإذا كان مثل هذا الأمر ممكناً فهل يمكن للعائلات الشيعية المعروفة بالتزامها بالمذهب وبحرصها على وجوده وبتدينها أن تشارك في مثل هذا الفعل؟ هل يمكنها فعلاً أن تشارك في إنهاء الوجود الشيعي الذي تنتمي إليه إرضاء للحكومة؟ منطقاً لا يوجد شيعي مهما كان موالياً للسلطة أو حتى غير ملتزم بالمذهب أن يقبل بأي خطوة تؤدي إلى القضاء على الشيعة أو إنهاء وجودهم في البحرين أو في المنطقة فكيف بالمشاركة في هذا الأمر؟ ومنطقاً أيضاً لا يوجد في مجتمع البحرين من أهل السنة والجماعة من يؤيد مثل هذا التوجه لو كان حقيقياً، ومنطقاً أيضاً لا يمكن للعائلة الحاكمة المعروف عنها حرصها على توفير الأجواء المناسبة للجميع كي يمارسوا طقوسهم بكل أريحية أن تفكر في هذا الاتجاه، ومنطقاً أيضاً لا يمكن لمملكة يحرص مليكها على توفير كل احتياجات إقامة مراسم عزاء الإمام الحسين عليه السلام سنوياً ويطمئن على ذلك بنفسه ويساهم فيه أن يقبل بمجرد الحديث في هذا الأمر، والسبب هو أن البحرين لا تستطيع أن تحلق بجناح واحد، وجناحاها هما الشيعة والسنة، وهي لا تفرق بين المذهبين الكريمين ولا تميز بين أتباعهما. ليست البحرين هي التي أقحمت الشيعة في موضوع المشكلة التي بدأت في فبراير 2011 وليست البحرين هي من ربط بين هذا المذهب و»المعارضة»، فمن فعل ذلك هي إيران ومن اختار أن يقف في خندقها، وقد فعلت ذلك لكي يسهل عليها أمر التدخل في شئون البحرين الداخلية، فلا حجة أقوى ولا عذر مبرر أكثر من «الاعتداء على مذهب أهل البيت» و»محاولة إبادة الشيعة والقضاء عليهم» و»تفريغ البحرين من أتباع هذا المذهب».المثير هو أن أولئك الذين لا يزالون دون القدرة على تبين ما يدور في المنطقة وما يراد لها ولهم، يشاركون في الترويج لهذه الفكرة غير المعقولة فيرددون ما تحرص إيران ومن اصطف معها على ترديده ويعتبرون أن الحكم بتصفية جمعية الوفاق تمهيد لتصفية الشيعة.لكن لأن كل هذا يدخل في باب الهراء لذا فإن البحرين قيادة وحكومة وشعباً وعائلات شيعية عريقة والمسؤولين الشيعة والمواطنين الشيعة والسنة لا يقبلون به ويرفضونه وينفونه جملة وتفصيلاً حيث الواقع يؤكد عكس ذلك تماماً.
Opinion
قرار «تصفية شيعة البحرين»
30 يوليو 2016