مرات عديدة دعوت وزملاء آخرون إلى الاستفادة من الأعراف والعادات والتقاليد والأبواب المفتوحة والعمل على إيجاد قناة للتواصل مع الحكم كون هذا الطريق هو الأسرع والأضمن لإيجاد حلول مناسبة يرضى عنها الجميع، وفي هذه الدعوات ركزنا على مسألة أن اختيار هذا الطريق ليس فيه غالب ومغلوب وأن خسارة أي طرف أياً كان حجم الخسارة هو انتصار للوطن، حيث التنازل للوطن ليس فيه خسارة وإنما ربح يتقاسمه الجميع.هذه الدعوات لم تجد الأذن الصاغية إلا من القليلين الذين لم يسعوا إلى فعل شيء رغم قناعتهم بالفكرة، لكن اليوم، وبعد التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة المحلية والتعقيدات التي تشهدها المنطقة وتسارع وتيرة الأحداث فيها صارت أعداد المقتنعين بهذا التوجه وأهميته في ازدياد وصار البعض يشارك في الدعوة إلى الدخول في هذا السبيل.مثالاً على اتساع دائرة المقتنعين بهذا السبيل التغريدات التي شارك بها أحد المتابعين والمهتمين بالشأن المحلي حيث كتب في حسابه ثلاث تغريدات متتالية أكدت صحة النهج ورأى من خلالها أنه السبيل الأفضل في مثل هذه الظروف خصوصاً وأن المعطيات لا تعين على تحقيق أي شيء مما تمتلئ به رؤوس البعض.هنا التغريدات الثلاثة التي يسجل لصاحبها مشاركته في الدعوة التي تكررت كثيراً وصار لا بد من مناقشتها ومن ثم العمل على ترجمتها إلى واقع، ننشرها كما وردت باللهجة المحلية.. «أتمنى تكون هناك مبادرة جديدة يقودها كبار العلماء ورجال الدين والسياسة ويتم التواصل مباشرة مع ملك البلاد وطلب مقابلته لوضع حد لهذه الأزمة. الجلوس مع ملك البلاد وشرح تفاصيل الأوضاع وطرح الحلول المعقولة لإعادة البلاد إلى طريق السلام والبناء والنهضة لا يعتبر انكسار.. بل واجب شرعي. لا يوجد بين أهل البيت الواحد انكسار وانتصار لأي طرف.. الفوز الحقيقي للبحرين وشعبها الذي يستحق مبادرات لا مبادرة.. المتسلقين تسعدهم الفرقة». الحل المتاح والمنطقي والواقعي إذن هو التغلب على الأفكار السلبية التي تسيطر على رؤوس البعض وتعيق تحركهم والإسراع بإيجاد مبادرة تتضمن مقترحات وحلولاً للمشكلة التي لا تليق بهذا الشعب. مبادرة يقودها شخصيات بحرينية لها شأنها ووزنها تمثل مختلف الشرائح، ترفع إلى حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى الذي هو والد الجميع ولا يرد من يقصده. مثل هذه المبادرة هي التي يمكن أن تخرج وطننا مما صار فيه وتصل إلى النقطة التي لا بد من الوصول إليها لتوضع في نهاية السطر، ولنبدأ من ثم سطراً جديداً في صفحة جديدة ملؤها المحبة والوئام. ليس هذا كلاماً عاطفياً وليس مجرد أمنية أو حلماً، فمثل هذا الأمر قابل للتحقق لو أننا جميعا أتحنا للعقل فرصة التحرك وقيادة المرحلة، حيث النظر بعقلانية إلى الأمور من شأنه أن يعين على استيعاب فكرة أن التنازل للوطن ليس فيه انكسار لأحد، وأن الانتصار للوطن لا يعني الخسارة ولا الهزيمة. عملياً ومنطقياً وواقعياً لا سبيل أمامنا سوى هذا السبيل، ولأن الظروف قابلة للتغير إلى الأسوأ بسبب التطورات المتلاحقة والمتسارعة والعنيفة التي تشهدها المنطقة ويشهدها العالم لذا فإن استغلال الفرصة المتاحة اليوم يعني أننا ننتصر للعقل وللمنطق، ويعني أننا قررنا أن نحمي وطننا من أي سوء قد يأتيه بسبب ما يدور حولنا وقريباً من دارنا. مهم الآن أن نتجاوز مرحلة الدعوة إلى سلك هذا الطريق، ومهم أن نعلم أن الأمر لا يمكن أن يتم بالتغريد عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولكنه يحتاج إلى من يتبنى الفكرة ويقنع بها من يعتد به في مثل هذه الأحوال ليتواصلوا مع القيادة التي لا يمكن أن تردهم خائبين.
Opinion
ليس انكساراً ولكن واجب شرعي
31 يوليو 2016