تداولت مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام مقطع فيديو لطفلين عربيين دون السادسة ويبدوان فيه أنهما شربا خمراً من ثلاجة غرفة فندق، حيث يظهر في المقطع طفلان في حالة يرثى لها من التعب والدوار والنعاس بمعنى آخر «في حالة سكر» والأب كما يبدو يضحك على حالة أبنائه الصغار ويقول لهم بأنه حذرهم من شرب محتوى قنينة الخمر في الثلاجة، طبعاً الأب لم يبالِ في تصوير أحباب الله في هذه الموقف الخارج عن إدراكهم وإرادتهم ومعرفتهم عن الخمر وما مضاره وحرمته، فهم أطفال ولا أحد يلومهم على هذا الفعل، المخزي في المشهد هو فعل مربيهم «أبوهم» الذي استهان بطفولة أبنائه فصورهم ونشر حالة السكر الذي هم فيه، هذا الأب لا يستحق أن يكون أباهم أبداً، فقد ارتكب سلوكاً غير مسؤول بدأ من احتفاظه بالخمر بالثلاجة ولم يبادر بتفريغ الثلاجة من الخمر ولا أظن بأن إدارة الفندق تمنعه لأنه بصحبة أطفال، والجميع يعلم بأن الطفل حتى وإن نهيته عن فعل الشيء فإنه يرجع مرة أخرى لاكتشاف المحظور، تصوير المشهد وتسويقه والضحك عليهم أيضاً فيه من المهانة في حق الأطفال، ولا يليق أبداً بأولياء الأمور بأن يتباهوا بالفعل المشين فهم قدوة لأبنائهم وهم من المفترض المثل الأعلى لهم. المشهد كان يدمي القلب وردود المتابعين كانت غاضبة من الأب، ولا شك أن هذا المشهد لا يقل انتهاكاً عن مشاهد العنف والتحرش ضد الأطفال فهذا الفيديو ليس بالفيديو الأول، شاهدنا كثيراً من المقاطع لآباء وأمهات يحثون أبناءهم وبناتهم على التدخين وشرب الشيشة ومقاطع لأطفال يرقصون بطريقة ماجنة وآباء يعنفون أبناءهم بطريقة وحشية والكثير مستور «وبعضه يخجل الواحد يتكلم عنه»، هم في المقام الأول أطفال من يدافع عن حقوقهم إن انتهك أبويهم حقوقهم البسيطة «إذا كان هذا أولها الله المستعان على تاليها»، أتصور بأن الهدف من تصوير معظم بعض المشاهد الخاصة بالأطفال هو أما لزيادة عدد المتابعين أو للشهرة والضحك والتسلية عليهم، أبداً لا يمكن أن يكون بهدف التربية والنهي بهذه الطريقة. تحدث أحياناً بعض المواقف قد تكون خارجة عن إرادة الأبوين فالأطفال مثل ما نسميهم «شياطين» بمعنى أنهم حركيون ولهم أسلوبهم في التعامل مع مواقف النهي ولا تفعل، وعليه يجب أن تكون ردود فعل الآباء أكثر حكمة وحرص وخوف على مصلحة أبنائهم فكان من الأولى من هذا الأب أن يهرع بأبنائه إلى المستشفى بدلاً من تصويرهم وهم في حالة سكر، والأب المحترم أبداً لا يرضى على أبنائه المنكر حتى وإن كان يفعل المنكرات، فالأبناء هم أعز الناس نرى فيهم شبابنا وعلمنا وماضينا ومستقبل واعد ولا أحد يرضى لأبنائه إلا الخير والصلاح. هناك أزواج ليس لديهم أبناء وهناك أزواج عندهم أبناء من ذوي الإعاقة وهناك أزواج عندهم أبناء لا يحسنون تربيتهم وهناك أزواج لا يعرفون قدر أبنائهم، العيال رزق طيب من الله عز وجل فهم مثل الذهب والألماس والمجوهرات النفيسة وهم استثمار طيب في هذه الحياة إن أحسنا إليهم بالتربية الصالحة وبالاعتناء بهم واحتوائهم كان الحصاد الطيب، من لديه أبناء عليه أن يتمسك بهم، الأب القوي سيأتيه يوم يكون فيه ضعيف يحتاج إلى قوة أبنائه، والضعف قد يكون في الصحة والمال ولا ننسى قول زكريا عليه السلام «رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين» وعجبي فمن لا يعرف قيمة أبنائه هو كمن أعطاه الله رزقاً ولكنه يأبى إلا أن يرفضه، وهذان الطفلان في يد أب غير مسؤول لا يعرف قيمة أبنائه.