عندما يتم نقد مجلس النواب لا يعني استهدافه شخوص بعينهم أو التقليل من إنجازاته أو الحد من آلياته. أن الهدف من النقد هو تسليط الضوء على مكامن الخلل والقصور التي قد تؤثر سلباً أو تؤسس لأعراف لا تتماشى مع العدالة والنزاهة والمسؤولية. لقد تفاجأ المواطن مما تم تداوله عبر الصحافة المحلية، انتداب بعض السادة النواب موظفون من أفراد اسرهم و أقاربهم، مما يكرس مفهوم شرعنة تضارب المصالح، التي هي بالأصل فساد ومن المفترض يتم مكافحته من قبلهم. علماً ان تضارب المصالح لا يقتصر على مدى تأثر استغلالية قرار الموظف أثناء أدائه لوظيفة بمصلحة شخصية أو مادية أو معنوية تهمة هو شخصياً، بل تعدت ذلك لتشمل حجز مقاعد وظيفية للأقارب على حساب الكفاءة والنزاهة.الثقة والنزاهة والمسؤولية البرلمانيةإن مفهوم الثقة والنزاهة والمسؤولية البرلمانية تكمن في مدى التزام البرلمان بهذه العناوين العميقة كي ترسي مبدأ الرقابة والمحاسبة، على مؤسسات الدولة سواء كانت حكومية أو شبه حكومية أو اتحادات رياضية لتطبيق القوانين واللوائح التي تحول دون تعارض المصالح لدى كل مسؤول. في الأصل يكون الانتداب لمن لديهم الخبرة والمعرفة كي يكونوا إضافة للمجلس وللنائب نفسه، سواء بالشق القانوني أو الدستوري أو التشريعي و المعرفي كونهم حديثي التجربة البرلمانية. كما إن استعاضة الكفاءات التي ممكن أن تسهم في أداء النائب بتوظيف الزوجة والابن والأقارب بحجة أن ليس هناك قانون يمنع ذلك! يترتب عليه أضرار قد يطال النائب وهيكل المنظومة البرلمانية، التي من المفترض بها مراقبة ومحاسبة هذا التجاوزات من منطلق العدالة والنزاهة والمسؤولية الناجزة. تعارض المصالحلقد عملت الدولة على وضع التشريعات والقوانين لمكافحة هذه الآفة. سواء كان الحديث عن الدستور والقوانين والتعليمات واللوائح لا يكاد يذكر المنصب أو الوظيفة العامة في أي من التشريعات إلا ويصاحبها نص يعالج موضوع تعارض المصالح بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.تضارب المصالح وحدود مكافحة الفساد السؤال إذا كانت تجاوزات تعارض المصالح قد طالت المجلس، فمن المسؤول عن محاسبتها وتقويمها ؟ يختلف الفساد باختلاف الزاوية التي ينظر من خلالها إليه. فالفساد هو كل سلوك انتهك أياً من القواعد والضوابط التي يفرضها النظام كما يعد فساداً كل سلوك يهدد المصلحة العامة، وكذلك أي إساءة لاستخدام الوظيفة العامة لتحقق مكاسب خاصة.إن تكريس مفهوم الحقوق الشخصية من منطلق تعريف النصوص القانونية بعيداً عن مفهوم النزاهة والثقة والمسؤولية، قد يؤسس للفساد السياسي، عبر قناعة لدى البعض بأن الاستحواذ على الوظيفة في القطاع العام لتحقيق مكاسب شخصية، تعد جزءاً من الحقوق التي يكفلها القانون طالما لم تسمى المنتفعين صراحة. الذي يسلب من البلدان طاقاتها، ويعد عقبة في طريق التنمية الديمقراطية المستدامة. إلى من استهان بالثقة والنزاهة والمسؤولية نقول ستعيش مره واحدة على هذه الأرض، فإذا أخطأت اعتذر وإذا تم نقدك ليتسع صدرك، ولا تكره ولا تحقد، ولتعلم بإأن حمل المسؤولية من قبل المجتمع تكليف وليس تشريفاً أو اغتناماً للفرص. السادة مجلس النواب: لن ننسى جهودكم عند مناقشة برنامج عمل الحكومة وحرصكم بالتواصل مع جميع شرائح المجتمع لتحقيق ما هو أفضل للوطن والمواطن، كما لم ننس محدودية أداء بعض النواب والبيانات الصحافية! ولتعلموا أن كل ذلك يدخل ضمن قياس الأداء للنائب. ما نتحدث عنه اليوم هو خطورة شرعنه تعارض المصالح واستغلال السلطة والثقة والقيم الإنسانية بتوظيف الأقارب من الدرجة الأولى والثانية وتبادل الشواغر فيما بينكم لما يحقق المصلحة الشخصية، الذي يعد فساداً قد ينال من ثقة ناخبيكم بكم وثقة المواطن في المجلس.