تواصل مسلسل القلق الأمريكي على البحرين وكانت أطرف حلقاته القلق على وجود عمالة غير نظامية «فري فيزا» في البحرين.قد يفهم القلق في موضوع ذي صلة بالسياسة أو الحرية في ممارسة الشعائر الدينية، أما أن تقلق أمريكا لمجرد البحث عن القلق في البحرين، خاصة أن موضع العمالة غير النظامية يحظى باهتمام حكومي، بدءاً من حملات التفتيش على المنشآت، وصولاً إلى لجان التحقيق «لجنة حكومية وأخرى نيابية»، فهو أمر قد يبدو غير مفهوم. فالقلق يكون في حال عدم وجود تشريعات تحارب الظاهرة أو التغاضي عن تطبيق القوانين المنظمة لأمر ما.ما ينبغي ألا نغفل عنه جميعاً، أن الأمريكان يوهمون العالم أنهم يعيشون حالة من القلق الدائم خوفاً على الحريات وعلى الديمقراطية وعلى حقوق الإنسان، وفي الحقيقة هم يبتزون الدول بهذا القلق المزعوم لتحقيق مصالح منها الاقتصادي والعسكري وغيرها. أمريكا التي تحاول أن تصور نفسها في العالم على أنها المدافع عن الحريات والحامي الأول لحقوق الإنسان أصدرت قراراً مؤخراً بالإفراج المشروط عن الموريتاني محمد ولد صلاحي «صاحب كتاب يوميات في غوانتنامو» بعد 15 عاماً من اعتقاله في غوانتنامو بحجة «حماية أمن الولايات المتحدة من تهديد مستمر»، 15 عاماً دون توجيه تهمة أو الحصول على محاكمة عادلة، والأنكى أن خروجه من محبسه مرهون بعدم طعن الكونغرس في قرار ترحيله.. هذا نموذج واحد -بصرف النظر عن تورط صلاحي من عدمه في الإرهاب- على انتهاكات حقوق الإنسان التي يحفل بها التاريخ الأمريكي، بدءاً من إبادة الهنود الحمر، مروراً بسجن أبوغريب، ووصولاً لقتل المواطنين السود على يد الشرطة الأمريكية. أمريكا التي تحاول أن تصور نفسها بأنها المسؤول الأول عن كل ما يدور في العالم، تغض الطرف عن فلسطين وعن دك الإسرائيليين الغاصبين البيوت على رؤوس أصحابها في الأرض المحتلة.وإذا أردنا أن نتبادل القلق مع الأمريكان فإن البحرينيين يقلقون جداً على وضع حقوق الإنسان في أمريكا وعلى استخدام الشرطة العنف المفرط مع السود وعدم ضبط النفس وعلى ازدياد معدل الجريمة، حتى سجلت أمريكا المرتبة الأعلى عالمياً في معدل المساجين، كما أننا قلقون على ما يدور في السجون. البحرينيون قلقون على وصول جرائم القتل في الولايات المتحدة لأعلى المعدلات العالمية وعلى استمرار تطبيق الإعدام في بعض الجرائم حتى وصلت عام 2006 للمرتبة السادسة عالمياً. نحن قلقون على حقوق الأقليات وعلى التمييز بين مكتسبي الجنسية الأمريكية، قلقون على تزايد الهجرة غير الشرعية، كما نقلق على تاريخ الولايات المتحدة التي لم تستطع إيصال رئيس أسود من غير الأصول الأوروبية إلى سدة الحكم إلا بعد 43 فترة رئاسية. نستطيع أن نقلق على الأمريكيين بالقدر الذي قد يضر بقولوننا العصبي، فقائمة القلق طويلة في جوانب عدة.. فاجتماعياً يعد حمل المراهقات وانتشار الإجهاض أمراً مقلقاً يضر بالنسيج المجتمعي.. وصحياً نقلق على إصابة ثلث الأمريكيين بالسمنة وزيادة الوزن حتى عد مرض السكري من النوع الثاني وباءً.. واقتصادياً وو.. قائمة لا تنتهي تدعو البحرينيين للقلق على الشعب الأمريكي الذي يعاني. وختاماً؛ أيهما أدعى للقلق حقاً الوضع في البحرين أم الوضع في أمريكا؟!