نرى بلادنا حينما يسودها الأمن والأمان، وحينما ينعم أهلها بحياة آمنة مطمئنة، فنحمد الله على نعمة الأمن والأمان وندعوه ألا يغير علينا إلا للأفضل. دول عديدة وقريبة ضربتها موجات من الاستهداف الخارجي بهدف زعزعة أمنها، ومطامع أجنبية نجحت في الوصول إلى بعض ضعاف النفوس، والقابلين ببيع أوطانهم فحركتهم ليصنعوا الفوضى في الداخل ويستهدفوا البلدان من عمقها، راكضين ولاهثين وراء أوهام كانت سبباً في تدمير بلدانهم وضياعها. المهرولون وراء الأوهام، هكذا وصفهم صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء حفظه الله مؤخراً، وهو الرجل صاحب الخبرة والحنكة، والذي دائماً ما يذكرنا في مجلسه بالأمثلة العديدة على البلدان التي لعب في مصيرها هؤلاء المهرولون وراء الأوهام، فلا هم نجحوا في تحقيق ما يريدون لأنه وهم لا حقيقة، ولا هم حافظوا على بلادهم فضاعت وهوت بحياة أهلها للحضيض. في كل بلد لا بد وأن تجد مجموعات تركض وراء وهم إما صنعته، أو صنعه لهم معتدٍ خارجي له أطماعه وأجندته، هو لا يحارب الدول التي يستهدفها حرباً مباشرة صريحة وواضحة، بل يحاربها من خلال هؤلاء الذين صدقوا وهمه وأملوا أنفسهم بمكاسب هذا الوهم، فاقتنعوا بأن تخريب بلادهم وحرقها وإشاعة الفوضى فيها وتعطيل قانونها وتسليمها للأجنبي في مرحلة أخيرة، هي اللحظة التي تتحقق فيها أحلامهم، ويظفرون بمكاسب النصر، لكن للأسف التاريخ يكرر ويعيد نفسه ويثبت مراراً أن هؤلاء ينتهون لحال أسوأ لأن محركهم ومحفزهم وهم. المؤلم أن المستيقظ من الوهم كثيراً ما يستيقظ متأخراً، خاصة حينما تصفعه الحقيقة على وجهه صفعات، دائماً ما ينتبه بعضهم بعد فوات الأوان بأن الوطن ضاع وأن ما انتهى إليه لا يساوي قطرة من بحر خيرات ومكاسب كان يعيشها ويتنعم بها سابقاً، لكنه لم يشكر ولم يقدر ولم يحمد الله، بل طمع وطغى واستكبر وأراد أكثر من المعقول، سعى للتضحية ببلاده من أجل أوهام قدمت له على هيئة وعود. العقلاء لن يختلفوا على أن غزو الكويت كان الخطأ الجسيم الذي ارتكبه النظام العراقي بقيادة رئيسه صدام حسين، كان الخطأ الذي قلب كيان الخليج وجعله يخسر جبهة دفاع شمالية تصدت لإيران، بالتالي ضاعت العراق، وبيعت في سوق النخاسة الأمريكية الإيرانية، وبات العراقيون الذين يفتقدون حياتهم السابقة والعيش في مجتمع له مقومات كمجتمع على رأسها الأمن والحقوق، باتوا يترحمون على صدام، ويتمنون بأن الزمن يعود وألا يقدم على اجتياح الكويت. كل بلد شهدت عمليات فوضى ومحاولات لتغيير الأنظمة وتصفير كيان الدولة ومنظوماتها تعاني اليوم من حالة عدم الاستقرار وغياب التنظيم كأجهزة إدارية، بل عانى شعبها من معيشة أشد وأقسى من السابق، وللأسف هناك مما حركهم للقيام بذلك أمور من بينها أوهام لا يمكن تحققها. وبالابتعاد عن أوضاع الغير، فإن البحرين تهمنا أكثر من أي شيء، وكما قال الأمير خليفة حفظه الله، حالة الفوضى وعدم الاستقرار هي نتيجة لوجود من يركض وراء الوهم، ظاناً بأن بيع بلده وخيرها عليه سيمنحه خيراً أكبر ومكسباً سياسياً أعظم، والحقيقة أنه سيحوله لعبد وعميل أجير لدى من باعه الوهم لينفذ أجندته الآثمة ويكللها باختطاف بلده. اليوم ندعوكم لمحاربة هذه الأوهام، لا إيران يهمها مصيركم كأشخاص، ولن تلتزم أبداً بتحقيق وعودها لكم، وأصلاً هي لن تمكنكم في الأرض إن اختطفت بلدكم، أنتم بالنسبة لها عملاء وطوابير خامسة ينتهي مفعولها بتحقيق الهدف، ثم حالكم حال العبيد والأتباع. لديكم بلد منفتحة متطورة فيها مختلف أوجه الحياة الطيبة، فيها حراك تنموي وأمن مجتمعي، من الحرام أن تبدلوه بأوهام تحول بلادكم كعراق آخر أو ولاية إيرانية. المخلصون لهذا الوطن سيظلون يحاربون ويتصدون لأصحاب هذه الأوهام الانقلابية، والتعويل بأن يصحو هؤلاء يوماً ليستوعبوا بأن عزهم وكرامتهم لن تتحقق لهم إلا بحفاظهم على أوطانهم.
Opinion
الهرولة وراء الأوهام!
03 أغسطس 2016