زهرة الحد طوت أيامها وهي في عمر الزهور، ضحية العنف الأسري وضحية الكراهية والحقد بعد طلاق أمها وزواج أبيها من امرأة أخرى، زهرة ودعت الدنيا بعدما ذاقت الضرب والكي والأشغال الشاقة في منزلها، وهي أيضاً ضحية إهمال مدرستها ومديرتها، فالمدرسة هي البيت الثاني للتلميذ لا يتلقى العلم فقط وإنما التربية والراحة النفسية، والمدرسة أيضاً الملاذ والأذن الصاغية إن لم يلاق التلميذ الاهتمام والراحة في منزله، زهرة طفلة ضاعت حقوقها بين المنزل والمدرسة، فالمدرسة لم توجهها ولم تعلمها حقوقها وأول هذه الحقوق سلامة بدنها، ولا تعلم أيضاً السبب الحقيقي وراء كراهية أبيها وزوجته لها.الرسول صلى الله عليه وسلم يقول بما معناه بأن من لديه بنات وأحسن معاملتهن لا تمسه النار، حديث فيها الكثير من المعاني الطيبة، فكثير من الآباء لا يهتمون ببناتهم، مع أن الفتاة مفخرة لمجتمعها فهي تتقلد مناصب قيادية في مجالات كثيرة وهي أيضاً القلب الحنون لأسرتها، والله أن الفتاة تعكف على رعاية والديها عند كبرهما وتظل تخدمهما حتى بعد زواجها وقليل من الرجال من يبرون والديهم بهذه الطريقة، فالبنت نعمة طيبة من الله فأحسنوا إليها – «اعيالي ما شاء الله الله يبارك فيهم ويرضى عليهم لو أقول راسي يعورني يصير عندهم حالة طوارئ من حبهم وبرهم لي» – دعوا الخلافات على جانب أزيحوا غشاوة الحقد والكراهية واستمتعوا مع أبنائكم وبناتكم فإنهم من أصلابكم، فهم استثماركم في الكبر وهم زادكم يوم القيامة.والد زهرة طلق أمها وصب غضبه من الطلاق على زهرة وأختها وكأن الخلاف مازال قائماً بين الزوج وزوجته، أشرك بناته في معركته وبدلاً من أن يطلق الأم فقط طلق بناته معها، لا نعرف أسباب طلاق الأم من الأب فالبيوت أسرار إلا أن القضية الواضحة أن زهرة دفعت عمرها من هذا الطلاق، ما يحز في النفس أن الأب تجرد من أبوته وإنسانيته وعزف على أذية ومضايقة بناته، كيف للأب أن يرتاح لو للحظة وبناته يعانين من العذاب والقهر، فكل الكلمات تعجز أن تصف موقف الأب من بناته عندما رحلت زهرة عن الدنيا وجسدها ملون بألوان من الضرب والعذاب. من وقف مع زهرة؟ من وقف ضد الأب وزوجته على أفعالهما مع بناته؟ للأسف لا أحد، لا الأسرة ولا المدرسة ولا الجيران وكانت جثة زهرة هي دليل ملموس على الصمت وعدم قول الحق والوقوف مع الحق وأهمها حقوق الطفل، أصبح المجتمع يهتم بالمسائل السياسية ويكرس كل طاقته لحل هذه المشاكل ويتحرك ببطء للمشاكل المجتمعية خصوصاً المشاكل الأسرية ناسين بأن الأسرة وتمسكها هي أساس كل مجتمع صلب وقوي. زهرة الحد هي الآن طير من طيور الجنة ذهبت إلى مكان أحسنوا استقبالها وأحسنوا إليها وعوضوها عن تسع سنين قاستها مع أب ظالم وزوجة أب حقود، ويبقى العار على من تخلى عن إنسانيته. نحن نثق بقضاة البحرين ونكن لهم كل التقدير ولا نتدخل أبداً في أحكامهم ولكننا اليوم كلنا أمهات وآباء لزهرة ونتنظر أن يلقى المذنب جزاءه، ليكون عبرة بعد ذلك لكل من تسول له نفسه بأن يشرك أطفاله في مشاكله مع زوجته أو طليقته، فليعتبر الآباء من هذه القضية ويكون الأب حنوناً وعطوفاً على بناته وأبنائه يذلل لهم الصعاب ويعطيهم أكثر مما يطلبوا ويكون لهم عوناً وسنداً في هذه الحياة، فالطلاق حلال ولكن طلاق الأبناء ذنب لا يغتفر، رحم الله روح زهرة وألهم أمها وأختها الصغيرة الصبر على فراقها.
Opinion
زهرة الحد
08 أغسطس 2016