نظرية الواقعية السياسية من النظريات المهمة التي يستند عليها السياسيون في تحليل مواقف العلاقات الدولية، حيث عرفها جوناثان هاسلام، أستاذ تاريخ العلاقات الدولية في جامعة كامبردج، بأنها «مجموعة من الأفكار التي تدور حول المقترحات المركزية الأربعة السياسة الجماعية، الأنانية، الفوضي والقوة السياسية».وبتطبيق هذه النظرية على أرض الميدان السياسي، سنجد أنها تترجم بنودها بنفسها حيث أصبحت متحققة في قضايا الشرق الأوسط، فقد عملت الدول العربية على إيجاد مقترحات مركزية تصدر من دولة بعينها كأمريكا وليس هناك قرارات مشتركة للقضايا العالقة.وفي وسط هذه المباحثات حول القضايا الدولية وخاصة الملفات المتعلقة بسوريا والعراق وليبيا والتي تتجه إلى أن جميع الأطراف فيها تحارب بمعارك مصيرية ولكن لا تجد لها نهاية لأنها بكل بساطة تتسم جميعها بالمركزية والأنانية والفوضى بمعنى أن التنسيق الدولي بها جداً ضعيف على العكس مما قام به التحالف العربي للحرب ضد الحوثيين باليمن حيث اتسمت الأهداف بالوضوح أي أن الخطة التي وضعها التحالف كانت تتناسب مع طبيعة الحالة الموجودة باليمن.في المقابل، شككت الولايات المتحدة الأمريكية بقدرة هذا التحالف على تحقيق أهدافه باليمن في الوقت الذي لم تستطع فيه أمريكا أن تشن هجمات ذات تأثير على داعش وعلى النظام السفاح بشار الأسد، وذلك للوفاء بعهودها لحلفائها في منطقة الشرق الأوسط، فأمريكا أصبحت اليوم تكذب بشكل صريح ولا تبالي بما تقوم به لأنها صنعت فوضى لا يمكن إيقافها فمواقفها السياسية أصبحت مخجلة، وبالتالي ننصح الإدارة الأمريكية في واشنطن أن تتوقف عن الظهور على شاشات التلفزيون لأنه ما سيقوله المتحدثون الإعلاميون هو عبارة عن أكذوبات رسمت لتبرئة أمريكا عن المجازر التي تحصل في حلب والمناطق المتأزمة.إن الواقعية تحتم على الدول العربية أن تجد رؤية مشتركة، فالثقل العربي يزداد يوم عن يوم، وكل يوم نقوم بفتح ملف يختلف عن الآخر ويكون أكثر تعقيداً لأننا متفرقين، بالأمس كانت قضيتنا الأولى فلسطين واليوم في كل لحظة تظهر لنا قضية، وملفات كالإرهاب وداعش وتدخلات دول بعينها كتدخل إيران في الشؤون المحلية لدول الخليج العربي، وفي ظل ذلك تقول الواقعية إن الأيام القادمة ستكون قاعات المعارك السياسية التي يدخل بها المتفاوضون بين أطراف النزاع بلا جدوى، وسيعود الزمن كالسابق وستكون المفاوضات من خلال الأسلحة والقاذفات والدبابات، وفي نهاية المطاف ستكون الدول أمام البقاء في الخارطة أو أن تقدم تنازلاً للدول الأقوى منها لحماية شعوبها.إذاً نظرية الواقعية السياسية والتي تهدف لدراسة وفهم سلوكيات الدول والعوامل المؤثرة في علاقاتها بعضها مع بعض هي أنسب نظرية لتحليل العلاقات الدولية بوضعها الراهن، فالدول المصنفة على أن لها الأسبقية بكل شيء أصبحت تكذب!، وفق تحليل سلوكياتها ومواقفها في العلاقات الدولية، نجد أن ثقة دول كدول الخليج العربي التي تعتبر حسب نظرية النظام العالمي الجديد هامشية قد فقدت ثقتها بالدول الأساسية في العالم كأمريكا وروسيا ومن هذا الاستنتاج فإن من يدير العالم خطط لتشكيل الفوضى لحماية نفسه من قوى ستقضي على خططه ومؤامراته، فالرسالة المهمة التي يجب أن تصل للأقطاب أن من يتحكم بمصير هذه الأمم ليسوا أنتم فأن من خلقها هو من يتحكم بها، فالأمر يحتاج لوقت لتدركوا أن الأمة العربية والإسلامية ليست أمة كباقي الأمم فهي فضلها الله بالإسلام، ولن يكون لها نهاية فهي باقية حتى يحين يوم القيامة، فالحلم الأمريكي الصهيوني بأن يتم دفنها ومحوها على الخارطة سيبقى حلماً!.