المربع الأصفر هو «عبارة عن رسم مربع أصفر داخل التقاطع «حدوده هي الحدود الداخلية للتقاطع» بداخله خطوط صفراء متقاطعة بصورة قطرية وعلى السائق عدم الدخول في هذا المربع إذا كان هناك ما يمنعه من إكمال سيره وإخلاء التقاطع حتى إذا كانت الإشارة الضوئية خضراء، بمعنى أنه إذا كان هناك طابوراً من السيارات التي لم تخل التقاطع بعد، فعلى السائق الانتظار قبل المربع الأصفر حتى يضمن تمكنه من السير وعدم البقاء داخل التقاطع، والسائق المخالف لهذا النظام يعتبر مرتكباً لمخالفة مرورية». هذا النظام متبع في غالبية الدول الحديثة والمتقدمة ومن ضمنها مملكة البحرين.هناك الكثير من المختبرات التي تكشف وربما تعري وعي الشعوب وتحدد لنا ثقافتها بطريقة مختبرية حياتية واضحة، فحين تقوم الدولة برسم نظام يحفظ حقوق الآخرين ويصون مكتسباتهم فيأتينا من بعيد من يخالف هذا النظام فيحرص على إشباع أنانيته المطلقة فقط، سيكون هذا النظام أو القانون أو القيد هو أفضل ما سيحدد وعي المجتمع، فالمختبرات التي تقوم بفضح وكشف زيف الوعي لدى الناس أو الشعوب هو أن تعطى شرائح المجتمع فرص مختلفة لقياس مدى وعيها بأهمية النظام والقانون وليس أي أمر آخر.إن المسألة التي تتعلق بالقيم الحضارية لا تنحصر في «المربع الأصفر» ولا تتكتل في قوانين الإشارات الضوئية، وإنما كل القوانين التي تستند عليها الدولة المدنية هي مختبرات حقيقية لقياس وعي الشعوب ومدى قابليتهم للتطور والرقي، سواء كان ذلك يتمثل في قانون السير أو قانون الانتظام بالطوابير أو عبر الاقتناع بالأولويات والأقدمية وأرقام التسلسل دون اللجوء إلى محددات الفساد «كالواسطة والمحسوبية والشللية»، ولهذا كانت المربعات الصفراء التي رسمها المرور هي من ضمن قائمة المختبرات «الإكلينيكية» التي لو قمنا بتعدادها لكانت تفوق هذه السطور المتواضعة.حين يبدأ المجتمع بالتخلي عن قيم التحضر فيسقط في مختبرات النظام والحفاظ على روح القانون سيكون حينها من اللازم أن نقوم بمراجعة سلوكياتنا الخاصة والمتعلقة بقيمنا الحضارية والإنسانية ومحاولة إعادة هذه القيم إلى مسارها الطبيعي، سواء كانت هذه المراجعة المجتمعية من داخل الأسرة أو من داخل المجتمع، فكل سلوك يخرج من عقال النظام أو التحضر يكون لزاماً علينا أن نعيده لسكته المعتادة بقوة القانون وروح الإقناع، خصوصاً في أوساط مجتمع ظل ردحاً من الزمان مضرباً للأمثال بين الشعوب في رقيه وتحضره والتزامه بقواعد النظام، لكن ربما شاهدنا في الآونة الأخيرة بعض التراخي من طرف المجتمع البحريني المعني بهذا الحديث فيما يتعلق بعدم التزامه بالكثير من قواعد النظام، وما «المربعات الصفراء» إلا أحد أبرز المصاديق التي يمكن لنا أن نكتشف من خلالها مقدار التسيب والتسرب من طرف المجتمع لقيم بحرينية أصيلة كانت محط أنظار الكثير من الشعوب الأخرى، فهل نعود كما كنا؟ أم سنظل نتكتل بمعية تخلفنا داخل المربع الأصفر في وقت الزحام الشديد؟