السردال هو القائد البحري أو أمير الحملة أو مراكب الغوص الذي يقود السنيار أي أسطول السفن إلى مغاصات اللؤلؤ، وهو أكفأ النواخذة وأقدمهم وأكثرهم خبرة ومعرفة بأعماق البحر، وأدق أسرار الطقس والتحولات الجوية والأنواء والأمطار والرياح أثناء رحلات صيد اللؤلؤ. ولديه قدرة متميزة لتحديد أماكن الهيرات حتى في الظلام الحالك وذلك باستخدام النجوم والحسابات الفلكية وعمق البحار (من أشهر السردلات في الخليج السردال سالم بن جمعة من منطقة الحمرية على ساحل عُمان عاش بين 1835 - 1930).قد يمتلك السردال عدداً من سفن الغوص تعمل لحسابه أو يعلن عن بدء حملته ويحدد من من النواخذ يقبل انضمامه إلى حملته وفي هذه الحالة يحصل على نسبة من دخلها من صيد اللؤلؤ. ويهتم بقدرة النواخذ وبحاتهم الذين يرافقونه في السنيار.كلما كان السردال بارعاً في مهمته وقيادته ارتفعت حصته من صيد السفن وتهافت التواخذة على الانضمام إليه.يبحر السنيار بقيادته وهو من يحدد (الركبة) أي ابتداء الغوص ويحمل السردال على سفينته مدفعاً قديماً، حيث تكون إشارة القفول، أي انتهاء موسم الصيد طلقة يطلقها من مدفعه، وعندما تسمع هذه الإشارة يترك الغاصة عملهم ويلحقون بالسردال للعوده إلى ديارهم.وتكمن أهمية السردال في تجنيب بحارة صيد أو استخراج اللؤلؤ الكثير من المواقف الصعبة والأخطار التي يرتبط بعضها بتغيير الأجواء والمطر والرياح الشديدة، وانكسار السفينة وأحياناً فقدانها للهدف وضياعها وسط الأمواج القوية العالية، وهو بذلك يمارس أحد أهم المميزات التي يتمتع بها القادة الإداريون الاستراتيجيون في زمننا وهي الاستباقية (Proactivity)يقوم السردال بتحديد مناطق عمل سفن السنيار بحيث تحصل كل سفينة على أكبر فرصة للصيد وبالتالي السنيار هو من ينظم العلاقة بين النواخذ ويعتبر مرجعاً لفض الخلافات إن حدثت بين البحارة ونوخذة السفينة.بين السردال والسنيار والنوخذة وبحارته هناك هيكل إداري متكامل بدءاً من القائد الاستراتيجي «السردال» إلى طاقم الإدارة التنفيذية النوخذة والجعدي والمقدي ومروراً بالمهنيين المتخصصين في الغوص الغاصة والسيوب والعزال والجلامة وانتهاء بأصحاب المهن أو الأدوار المساندة.في خضم ذلك تنبثق بين البحارة السفن والسنيار روح تتجاوز معنويات وطبيعة العلاقة التي تربط فرق العمل التي نتحدث عنها كثيراً في الأعمال والإدارة إلى تلاحم تخلقه الظروف الصعبة والمخاطر الكبيرة وهي شبيهة بروح رفقاء السلاح في خنادق القتال. هذه الأربعة أشهر التي يقضيها البحارة على ظهر مركب وسط بحر ممتد وعميق تخلق اندماجاً غير تقليدي بين بحارة/أفراد المركب، فاعتماد من يغصون إلى أعماق البحر في مواجهة الأخطار على من هم فوق المركب يتطلب ثقة عالية وترابطاً وثيقاً بينهم، واعتماد كل حملة السنيار على الغواصين في رزقهم وقوتهم الذي ستقتات على نتاجه للأشهر القادمة أسرهم يخلق علاقة انصهار الأفراد وذوبان انفرادهم والإحساس بالتفرد في الكل. إن العلاقة اليومية على سطح مركب تتقارب فيه الأجساد ولا تستطيع أن تتباعد إلى أن تسقط في البحر ترغم الجميع على تجاوز الخلافات وحتى الاختلافات الطبيعية بين البشر التي قد تخلق تنافراً طبيعياً إلى التكيف ثم الاندماج ثم الانصهار في «الربع».علاقة التلاحم – الانصهار التي تترسخ في كل سنة تتلوها سنة يجعلهم عندما يعدون لليابسة وحدة تبعثرت تبقى لتبحث عن نفسها في الآخرين الذين كانوا هناك على سطح المركب لوحدهم وسط المخاطر وهي تستقطبهم أكثر من الانتماء للعائلة. هذه الروح «الربع» تعجز كل تقنيات واسترتيجيات بناء فرق العمل إلى الوصول إليها، وبناء أخلاقيتها وثقافتها وتقاليدها ولكنها كامنه هناك في داخلنا تحتاج إلى سردال لإيقاظها وبثها في مؤسساتنا مرة أخرى.*مطور أعمال وقدرات بشرية