قول منظمة هيومن رايتس ووتش إنه «مع تنفيذ 230 حكماً بالإعدام على الأقل منذ الأول من يناير/ كانون الثاني الماضي فإن إيران تصبح مرة أخرى الدولة التي تنفذ أكبر عدد من الإعدامات في المنطقة» يعني أنه يتم في هذا البلد الذي اعتبر نفسه رافعة لكل من ينادي بالحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان وثائراً شخصاً واحداً على الأقل يومياً. هذه المنظمة استنكرت أخيراً حكم الإعدام شنقاً بحق عشرين سجيناً سنياً في إيران ووصفته بأنه وصمة عار في سجلها الحقوقي. طبعاً لا تهتم حكومة الملالي لا بأقوال ولا ببيانات هيومن رايتس ووتش ولا ببيانات غيرها ، فهي ترى ما لا تراه تلك المنظمات ولا يراه غيرها وتعتبر كل بيان يصدر في هذا الخصوص وكل قول وإن كان عابراً تدخلاً في شؤونها الداخلية وربما اعتداء عليها وعلى الدين الإسلامي ولعلها تكفر من لا يوافقها على نعت العشرين شخصاً الذين أعدمتهم في سجن رجائي بالإرهابيين، ذلك أن إيران تعتبر كل من يختلف معها إرهابياً، وهذا يشمل حتى أصحاب العمائم الذين يقبع بعضهم في السجون وذاق بعض آخر منهم طعم المشانق على مدى الأربعين عاماً الأخيرة. لا يهم حكومة الملالي قول أي جهة في كل العالم بأن فعلها المشين ذاك «وصمة عار في سجلها الحقوقي» بل لا يهمها قائلي تلك العبارة أو ناقليها وسامعيها، وهي لا تعتبر ما فعلت وتفعل في هذا الخصوص «تراجعاً في سجلها لحقوق الإنسان» لأنها تدرك أنها لا تؤمن بحقوق الإنسان ولا تعترف إلا بالإنسان الذي يقبل أن يصير نسخة من ملاليها، يقول بما يقولون، وينفذ ما يقولون ويأمرون. حسب هيومن ووتش فإن محاميين كانا ممثلين لعدد من الذين أعدموا قالا إن موكليهما لم يحصلوا على محاكمة عادلة وأن حقوقهم انتهكت ، وحسبها أيضاً أن حقوقيين آخرين قالوا لها إن 33 رجلاً من ضمنهم قاصر اعتقلوا في إحدى المرات وأدينوا بتهمة «محاربة الله». طبعاً الحديث هنا ليس عن إعدام المتورطين في تهريب المخدرات ولكن عن المختلفين في الرأي مع الحكومة والذين يتم إعدامهم لأسباب طائفية، دون أن يعني هذا تصديق الحكومة في مسألة توزيع التهم ، فليس هناك ما يؤكد أن من تم إعدامهم تورطوا في قضايا مخدرات ، تماماً مثلما أنه ليس هناك ما يثبت أنهم أعدموا لأنهم حاربوا الله سبحانه وتعالى.طبعاً يتمنى المرء أن تكون حكومة الملالي صادقة في أقوالها وادعاءاتها فيما يخص الجرم الذي ارتكبه أولئك الذين تم إعدامهم ، لكن للأسف لا يوجد ما يعين على تصديق تلك الأقوال والادعاءات خصوصاً وأن تاريخ حكومة الملالي يؤكد أنها قامت بسجن وإعدام رجال دين كثر لمجرد أنهم اختلفوا معها . إن حكومة لم تتردد في سجن وإعدام أصحاب عمائم بيضاء وسوداء فقط لأنهم قالوا بغير ما تقول واختلفوا معها في الرأي الأكيد أنها لن تتردد عن إعدام كل من يقول بغير ما تقول من غير أصحاب العمائم، والأكيد أنها لن تتردد عن إلباسهم كل التهم المفضية إلى الإعدام ابتداء من تهريب المخدرات مروراً بالخيانة العظمى ووصولاً إلى محاربة الله. أمر آخر ينبغي الإشارة إليه هو أن منظمة هيومن رايتس ووتش تعتبر من المنظمات المتعاطفة مع إيران والمتسترة على أفعالها، وهذا يعني أنه لولا أنها وجدت أن القصة صعب تغطيتها لما أقدمت على انتقاد إيران والتعبير عن عدم رضاها عن مثل هذا الفعل الفاحش . ولو أن المنظمة نفسها لا تستطيع الإفلات من النقد، فالخبر المتداول أظهر أن ما قالته جاء على شكل تغريدة وليس بياناً كما تفعل مع كل أمر صغير يحدث في البحرين.
Opinion
إعدام الملالي
13 أغسطس 2016